جمعة العمل

ارسل لى احد اصدقائى فى احد المنتديات التى اتابعها فكرة جيدة المضمون و معها تساؤل مشروع . فقد قال الرجل اننا منذ قيام الثورة العظيمة كانت كل ايام الجمعة (باستثناء القليل منها) تحمل أسماء و معانى و اهداف فمن جمعة الغضب الى جمعة الصمود الى جمعة الرحيل الى جمعة الحساب و جمعة الجيش و التطهير و غيرها . حتى ان اخواننا (الاعداء ) كانت لهم جمعة الوفاء !!! . و تسائل صديقى ، لماذا فى تلك الظرو ف الطاحنة التى تمر بها البلد لا تكون هناك جمعة للعمل لدعم اقتصاد مصر الذى سقط مع مبارك و كأن مبارك كان أفضل من يساند اقتصاد مصر ؟ الحق ان هذه فكرة منطقية و جيدة بل و ضرورية فى مثل هذه الظروف . و لكنى تسائلت عن كيفية القيام لهذه المهمة ، فان الخروج للتحرير اسهل بكثير من الخروج للعمل خاصة انه يكون غالبا بعد صلاة الجمعة و يأخذه بعضنا بمأخذ الترويح او الفسحة (و هى طبعا ارخص فسحة فى القاهرة العامرة) . فاذا نظرا لسوق العمل فى مصر فهناك القطاع الخاص و القطاع العام الحكومى بما فيه من قطاعات خدمية و قطاعات انتاجية . يمكن للقطاع الخاص فتح ابوابه للعمل لزيادة الانتاج و دعم الاقتصاد على ان يتنازل العاملون عن حقوقهم عن عمل هذا اليوم لصالح الاقتصاد . اما القطاع العام فيمكن ان يفتح ابوابه للعاملين لخدمة الجماهير التى طال انتظارها امام شبابيك الحكومة المغلقة لحين انتهاء الافطار و الشاى . أظن ان هذا يعطى انطباعا لدى المواطن البسيط انه ما زال فى حسبان المسئولين و الثائرين على شاشات الفضائيات . اظن ان الموظف الذى يخرج متطوعا لهذا الامر سيكون متحمسا للعمل اكثر من اى مرة لأنه يدرك من داخله انه يعمل من اجل مستقبل اولاده و ليس فقط من اجل الراتب الذى ما زال حتى بعد الثورة المباركة.
اذكر فى هذا الموقف دولة اليابان بعد الحرب العالمية الثانية و قد خرجت مهزومة ليس فقط فى الحرب بل فى كل قطاعات الدوله و اهمها الصناعة و من يقرأ تاريخ اليابان يعلم ان العمال اليابانيون كم كانوايثابرون لرفع مستوى بلدهم التى امنوا بها حتى انهم كانوا يقفزون من على الاسوار ليس ايضا للهرب من العمل و لكن للدخول الى المصانع ليلا لتدوير الماكينات و العمل و وصل الليل بالنهار لدفع الاقتصاد و فى اقل من عشر سنوات نجحوا فى وضع اليابان على خريطة الصناعة العالمية و فى مقدمة الدول التى تصدر التكنولوجيا . أما فى اوخر التسعينات فقد حدث ان ارتفع الناتج المحلى لليابان و خاصة فى منتجات الاجهزة الالكترونية و الكهربائية و كان لزاما على اليابان أن تخفض من انتاجها للحفاظ على سعر ثابت لمنتجاتها (على الطريقة الامريكية ) و كان الحل الوحيد تقليل ساعات العمل فى المصانع بأن جعلت ثلاثة أيام راحة بدل يومين و كانت المفاجأة أن الانتاج تزايد أكثر من سابقه . اتمنى على الاعلام بدلا من ترويج الدعايات الانتخابية أو الى جانبها ان يروج لهذا النشاط و اتمنى ان تقف المؤسسات الرسمية و المسئولين بجانب هذه الفكرة فى مشاركة و لو رمزية لدعم الاقتصاد.

نعم لابد من دراسة تاريخ هذه الدول .. و التى وَلَّدَت أسس تقدمها من رحم المعاناه و القهر و الهزيمة .
د. محمد البقلى
رائع كما عهدناك
لك التحية و التقدير .