جمعية جيل العزة

كانت سعادتى بالغة عندما شاهدت المنظر الجميل فى احتفال افتتاح جمعية جيل العزة . الحق اننى حضرت متأخرا لظروف خارجة عن الارادة و لكننى عندما رأيت التفاؤل على وجوه الحاضرين كان هذا ما سرنى حقيقة . رأيت البسمة و نظرة الحماس على وجوه الخارجين من الحفل . كان أغلب الخارجين من الحفل من الشباب الذى طالما حملنا بان يحمل الراية يوما ما لنقل البلد من مصاف القرى المثكلة بالهموم و المشاكل الى مصاف القرى المنتجة و المتطورة . صحيح اننى رأيت وجوها ما زالت تعبث فى أرزاق الناس و أقواتهم و لكنى ما زلت متفائلا لحماس الشباب الذى كان يعم المكان . شئ اخر اسعدنى و هو العدد الجيد و الذى يبعث على التفاؤل من الطلبة الذين تأهلوا لطليات الطب و الهندسة و طب الاسنان و هذا شئ ممتاز ليس لهؤلاء الطلبة فقط بل لمن سيأتون خلفهم لأنهم سيجدون لهم قدوة فى المستقبل و يجدون لهم املا يحملهم على الجد و الاجتهاد لنيل اعلى الدرجات. الحق اننا عانينا من غربة الفكر فى بشتامى فى الفترة الماضية فقد كنا نعانى نحن طلبة القسم العلمى فى الثانوية الازهرية و زملائنا فى الثانوية العامة من فكر الاحباط الذى ساد لسنوات على مستوى الطلبة و مستوى المدرسين بل و على مستوى قطاع كبير من اهالى البلد الذين ظنوا ان كليات الطب و الصيدلة لها طلبة غيرنا و لها مذاكرة غير التى كنا نذاكر و نحن لسنا مؤهلين لهذه الكليات . ساد هذا الفكر لسنوات فى ظل غياب القدوة و غياب نماذج فى البلد تحمل لنا الأمل . بل ان قطاعا كبيرا من الناس كان يسوق لنا النماذج التى لم يكتب لها التوفيق فى الدراسة و كأنها الأصل و انها طبائع الأمور لمن تسول له نفسه ان يغير نمط دراسته و يفكر فى كليات القمة . ليس هذا نيلا من دراسة الادبى و كلياته و لكن نيلا من التفكير السلبى الذى ساد على مستوى الطلبة فى العشرين سنة الأخيرة . الأمر الذى حدا بأحد الناس ان يلومنى لأننى درست فى القسم العلمى قبل امتحان شهادة الثانوية بيومين معللا اننى اضعت وقتى و مجهودى و فى النهاية سألحق بكليات الأدبى . كان غياب النماذج امامنا هو ما يدفع لهذا المناخ و يكرسه وكنا دائما ما نسمع انه لم يدخل احد كلية الطب من بشتامى لسنوات . شارك فى وجود هذا المناخ و تكريسه قطاع كبير من المدرسين الذين لم يؤمنوا اصلا بفكرة دفع الطلبة الى كليات القمة . خلاصة القول اننا نجحنا فى الخروج من عنق الزجاجة و نجت البلد من ويلات هذا الفكر و رأيت امامى زهرة شباب البلد يحدوهم الامل فى التخرج و الحصول الى مستقبل افضل .
امر اخر اسعدنى و هو ان اعرفه من هؤلاء الطلبة المتفوقين أو اعرف والده اعلم ان بيته الخلق و نظافة اليد و حسن العلاقة مع الناس و الله و تأكد امام الجميع ان من اتقى الله فى قوت ابنائه و فى عمله و اخلص له فان الله لن يخذله فى ابنائه . رأيت منهم المعلم المخلص و الموظف المخلص و الامين و رأيت ايضا من حرم ظلما من حقه فى الميراث ، رأيتهم جميعا قد أثلجت صدروهم رؤية ابنائهم و قد وفقهم الله و بارك لهم فى ابنائهم و لا شئ حينها يعدل تلك الفرحة .
بارك الله لأبنائنا و شبابنا و بارك لأبائهم و ذويهم و نشر على يديهم الخير و وفقهم الى ما فيه صالح البلاد و العباد .
علينا جميعا ان نقف الى جوار هؤلاء الطلبة و نذلل لهم كل الصعاب فهم امل هذه البلد و سبيل نجدتها ، و على الجمعية التى تطوعت و قبلتهم اعضاء فيها فى لفته كريمة من مجلس ادارتها ان تفرد لهم برنامجا خاصا و تضعهم على راس قائمة اولوياتها لأنهم بعد خمس او ست سنوات سيكونون هم من يحمل راية الجمعية و يسعى فى تطويرها