هوامش حرة ـ فاروق جويدة
صفحة 1 من اصل 1
هوامش حرة ـ فاروق جويدة
هوامش حره
إنه جيش مصر.. وليس جيش مبارك
بقلم: فاروق جويدة
إنه جيش مصر.. وليس جيش مبارك
بقلم: فاروق جويدة
برغم كل مظاهر الرخاء الكاذب والرفاهية المزيفة التي اتسمت بها صورة المجتمع المصري طوال السنوات الماضية فإن الشارع المصري الحقيقي بوعيه التاريخي كان يدرك أن هناك شيئا ما يتحرك في باطن الأرض وأن الأكاذيب الإعلامية والتضليل السياسي الساذج لم تستطع تغييب هذا الوعي
.وكانت ثورة25 يناير هي البركان الذي حرك هذه الملايين التي اندفعت في كل أرجاء المحروسة تطالب بالعدالة الحقيقية والحرية والحياة الكريمة وتصر علي الإطاحة بالنظام كله.. كان البعض يتصور أن الثورة قد هدأت وبدأت فلول النظام الراحل تتحرك وتبعث من وقت لآخر برسائل مغرضة هنا أو هناك.. وفي يوم الجمعة الماضي تحركت جموع المصريين إلي ميدان التحرير مرة أخري وعندما انتصف النهار كان الميدان الأشهر في العالم الآن يضم أكثر من مليون مواطن مصري في مشهد حضاري عريق أعاد لنا ذكرياتنا القريبة مع ليلة الرحيل التي كانت وستبقي لحظة نادرة في تاريخ الذاكرة المصرية..
يوم الجمعة الماضي تجمعت في ميدان التحرير كتلة بشرية تجاوزت كل الحدود الأمنية والتنظيمية فلم تكن هناك قوات من الجيش وسط هذه الجماهير, واختفت الشرطة تماما وصلي الشعب المؤمن بالمسلمين فيه والأقباط وغني للوطن ورفع رايات السماحة والمحبة والأمل.. وانتهي هذا الحشد الرهيب مع آخر يوم الجمعة وبدأت الجماهير المحتشدة تأخذ طريقها كل عائد إلي بيته وعمله سواء من جاءوا من المحافظات أو من عادوا إلي مساكنهم في القاهرة..
حتي هذه اللحظة كان المشهد راقيا ورائعا ومهيبا لشعب اختار أن يتظاهر بأرقي لغات الحوار وأن يرفض في كبرياء وأن يطالب في اعتزاز وترفع كان موقف الشعب رائعا.. وكان موقف الجيش راقيا وعادت الشرطة إلي حياة المصريين مرة أخري في ثوب جديد أكثر ألفة والتحاما..
لا يقبل مواطن مصري واحد التشكيك أو سوء الظن في موقف جيش مصر العظيم منذ اللحظة التي قرر أن يأخذ موقعه بجانب إرادة الشعب.. في لحظة تاريخية فارقة وحاسمة اختار الجيش مكانه وسط ميدان التحرير مع الملايين التي خرجت تطالب بالحرية والعدالة والحياة الكريمة.. لم يتردد جيش مصر في لحظة اختيار مصيرية أن يقف وراء شعبه وعلينا أن ننظر ما يدور حولنا في اقطار شقيقه لندرك الحكمة التي تعامل بها جيش مصر مع ثورته وثورة شعبه..
إن الفرق بيننا نحن المدنيين وتفكير اشقائنا العسكريين أننا أكثر حماسا واندفاعا وهم أكثر تعقلا وحكمة وهذا هو الفرق بين من يمسك قلما ومن يضع يده علي الرشاش.. في بعض الأحيان نقول إن القلم يسيل الدماء ولكن الرشاش يقتل.. وهنا يكون القرار أصعب كثيرا في كل شيء علي من يحمل مسئولية الموت والحياة..
لقد سار الجيش المصري خطوات كثيرة يري البعض أنها كانت بطيئة, ولكن المؤكد أنها في سياق الأحداث والبحث عن الاستقرار والأمن تعتبر إنجازا خاصة أننا أمام ثورة بكل ما تعنيه من التحولات والتغيرات والزلازل وأمام هياكل من الفساد تكونت في عشرات السنين.. أنا لا أتحدث هنا عن بطء مقصود ولكنني أتحدث عن تغييرات مطلوبة لا أعتقد أن الجيش بعيد عنها ولكن المؤكد أنه قد يري في الصورة العامة أبعد مما نراه..
من هنا يجب أن نبعد عن اذهاننا أي تصورات قد تفسد صورة الجيش أمام الشعب المصري.. في لحظة حاسمة كان الجيش وراء نجاح هذه الثورة ولو أن الجيش نفسه اتخذ مواقف أخري في ساعة المواجهة لما حققت هذه الثورة أهدافها.. من هنا كان المشهد الدامي عند منتصف يوم الجمعة الماضي.. بقدر ما بدأت المظاهرات راقية ورائعة وحكيمة بقدر ما كانت النهاية مؤلمة وحزينه..
وأنا هنا لا أدافع عن موقف القوات المسلحة ولا أصادر علي حق التعبير ولكنني أطرح بعض التساؤلات التي تتطلب منا نحن الشعب قدرا من الحكمة والتعقل..
< إذا كانت مظاهرات يوم الجمعة قد انتهت هذه النهاية الرائعة مع رحيل المتظاهرين وخلو الميدان من أكثر من مليون مواطن لماذا بقيت هذه الآلاف التي اعتصمت في ساحة الميدان.. وإذا كان اليوم قد مضي بكل مظاهر الكمال والجلال فيه فلماذا لم يكتمل بهذه الصورة وما هو هدف هؤلاء الذين بقوا في الميدان في موقف أصرار علي المبيت لا أجد له أي مبررات غير أنه خروج علي سياق أحداث كلها كانت طيبة ومشجعة..
كان ينبغي وقد حلت ساعة الحظر طبقا لقرار المجلس العسكري أن يحترم المواطنون هذا القرار ويعودوا إلي بيوتهم لتعود الحياة إلي ما كانت عليه.. إذا كان المجلس العسكري قد احترم مظاهرة مليون مواطن وتمت بصورة رائعة فلماذا لانحترم نحن قرار الحظر وننفذه كما ينبغي.. إن الأمر هنا يتعلق بالمسئولية المشتركة بين الشعب والمجلس العسكري حتي تسود لغة الاحترام المتبادل.. إذا كان المجلس قد احترم المظاهرة وأحاطها بكل مظاهر الأمن والحماية والحرص علي حياة المواطنين فكان من المفروض أن نحترم نحن الشعب قرار الحظر ونخلي الميدان تماما..
أن الوجود في ميدان التحرير لم يعد أمرا صعبا أو مستحيلا والدليل أننا بعد شهرين كاملين من رحيل رأس النظام عدنا إلي نفس الميدان بأعداد أكبروحشود أكثر تماسكا وانضباطا.. فلماذا نبقي للمبيت في ميدان التحرير ونحن قادرون علي أن نتجمع يوم الجمعة القادم وما بعد القادم.. كنت أري أن من الحكمة ألا نضغط علي المجلس العسكري وأن نحترم قرار الحظر وأن يعود هؤلاء جميعا إلي بيوتهم..
< عندما أعلن المجلس العسكري أن بعض أفراد القوات المسلحة نزلوا علي ميدان التحرير يعلنون تأييدهم للشعب فهذا تأكيد لموقف الجيش نفسه وليس خروجا عليه.. إذا كان الجيش بكامل قواته ينتشر في كل ربوع مصر الآن ويحمي ثورة شعبها فليس هناك تعارض بين التحام عدد من أفراده مع المتظاهرين, ولكن هنا ينبغي أن ندرك أن وجود هؤلاء الأفراد المنتمين إلي الجيش ليس خروجا علي شرعية المجلس العسكري صاحب القرار لأنه موجود بالفعل.. ولهذا لم يكن من حق المتظاهرين الدخول في مواجهة مع رجال القوات المسلحة الذين جاءوا لتسلم وليس للقبض علي هؤلاء الأفراد الذين التحموا مع مظاهرات الشعب.. لقد أراد الجيش أن يتأكد أن هؤلاء الذين يرتدون الزي العسكري من أبناء القوات المسلحة وأنهم مازالوا حتي الآن في الخدمة.. وهنا كان ينبغي أن يفسح المتظاهرون المعتصون في ميدان التحرير المكان لقوات الجيش لأداء مهمتها لأننا لسنا في معركة حزبية نحن أمام مؤسسة لها ثوابتها وانضباطها وأهل مكة أدري بشعابها.. أما أن يتحمس البعض دفاعا عن هؤلاء الأفراد ويشتبكون مع القوات المسلحة فهذا أمر مرفوض تماما.. إن الخطأ هنا كان في أكثر من جانب.. حين رفض المتظاهرون الاذعان لقرار الحظر.. وحين تصوروا أنهم يدافعون عن بعض أفراد القوات المسلحة من القوات المسلحة نفسها.. والحقيقة أن هذا يمثل تدخلا لا مبرر له لأن الجيش أولي برجاله إلا إذا تصور البعض أننا أمام انقلاب عسكري وهذا أمر خطير ولامجال له في سياق ثورة شعبية يحميها الجيش نفسه..
إن ما حدث في ميدان التحرير من مواجهات بين المتظاهرين ورجال القوات المسلحة سلوك مرفوض وكان ينبغي أن يكون السلوك حضاريا بأن يفض المتظاهرون الاعتصام كما حدث مع نهاية المظاهرة الناجحة وأن تأخذ القوات المسلحة أفرادها فالشعب ليس أكثر رحمة بهم من الجيش ولابد أن نحترم ثوابت مؤسسة عريقة وندرك مسئولياتها..
إن أخطر ما شهده الاعتصام في ميدان التحرير وجود عناصر مخربة من فلول النظام السابق فلماذا نصنع نحن بأيدينا مثل هذه الفرص للبلطجية الذين يريدون نشر الفوضي والخوف بين المواطنين.. ولماذا يحاول البعض إيجاد هذه الخلافات بين الجيش والشعب وكلاهما أحوج ما يكون للآخر.. ولماذا يحاول البعض التشكيك في مصداقية الجيش ومواقفه الواضحة والثابتة وأنه يحمي حمي ثورة هذا الشعب..
< في السنوات السوداء العجاف خسرت مصر أشياء كثيرة وتهاوت فيها حصون عديدة.. كانت مصر واحدة من أكثر دول العالم احتراما للنظام المؤسسي العريق وكانت فيها مؤسسات تحكمها ضوابط وثوابت وأصول.. ولاشك أن هذا النظام الفاسد قد أطاح بالكثير من هذه المؤسسات.. لقد أفسد المؤسسات الاقتصادية وهو يبيع أصول الوطن.. وأفسد المؤسسة السياسية وهو يبيع دور مصر وأفسد المؤسسات المالية وهو يشوه دور البنوك وافسد المؤسسات التعليمية حين انتهك دور المدرسة والجامعة.. وأفسد المؤسسة الثقافية أمام ثقافة الجهل والتخلف وإفساد النخبة والتضليل الإعلامي.. والآن ماذا بقي لنا من كل هذه المؤسسات..
لا أبالغ ولا أجامل إذا قلت إن المؤسسة الوحيدة التي حافظت علي ثوابتها وتاريخها المشرف هي جيش مصر فهل أصبح المطلوب الآن أن يلحق هذا الصرح بما حدث في السنوات العجاف..
قد لا يعلم البعض أن المؤسسة العسكرية برغم ارتباطها الشديد بشرعية الحكم فإن رموزها في أوقات كثيرة كانوا يرفضون بعنف السياسات المالية والاقتصادية والثقافية بل والأمنية التي أفسدت مؤسسات الدولة وكبلتها في الديون ما بين العجز والقروض والمعتقلات و السجون..
قد لا يعلم البعض أن المؤسسة العسكرية وقفت ضد بيع مشروعات كثيرة بل أنها قامت بشراء مشروعات علي درجة من الحساسية والأهمية في القطاع العام والحقتها بالمؤسسة العسكرية حماية لها من طوفان الخصخصة.. والأخطر من ذلك أن النظام السابق عرض بيع مؤسسات إعلامية عريقة وأن الجيش المصري رفض ذلك بإصرار وحسم هل بعد ذلك نسمح لبعض المغرضين من رموز العهد البائد أن يشعلوا نيران الفتنة بين الشعب والجيش في هذه اللحظة إن جيش مصر الآن هو آخر حصون الحماية لما يسمي الدولة المصرية ويجب أن نحافظ عليه دورا ومسئولية وكيانا..
ما هو دور الشعب في مؤسسة عريقة تحاسب العاملين فيها.. ولماذا لا نحترم نحن كمواطنين قرارات الحظر ولماذا نفتح أبوابا لخلافات لا مبرر لها بين الشعب وقواته المسلحة خاصة أننا نعلم أن هناك أيادي شريرة فاسدة تسعي لهذه الفتنة..
إن جيش مصر هو حصنها الباقي الذي صنعته علي عينها ليكون سندا وحماية وملاذا ويجب أن نحافظ عليه قويا شامخا.. يجب أن يدرك المزايدون والمغرضون والبلطجية أن هذا الجيش العظيم ليس جيش حسني مبارك الرئيس المخلوع.. ولكنه جيش مصر العظيمة الباقية..
..ويبقي الشعر
بين الفنادق والمصانع والمتاحف والمتاجر
شيء جميل أن تضيء مزادكم أوراق شاعر
في كل بيت من قصائده
تغنيـ الحب.. وانسابت مشاعر
هو لم يكن يوما من الأيام دجالا..
ولم يحمل مباخر
هو لم يمارس لعبة العهر المقـنع
بالعفاف
ولم يلوث وجهه دنس الصغائر
هو لم يغير لونـه المنقوش
من طين الحقـول
ولم يحارب بالحناجر
هو ماء هذا النهر..
حين يجيء مندفعا.. وفي شمم يكابر
هو من شذي هذي الضفاف
وكم تعذب في هواها قلب شاعر
ماذا تبيع الآن في هذا المزاد ؟
هذا القلم
أسكنته عيني.. وحلق في سماء النـيل
أزمانـا طويله
قد عاش يرسم كل يوم ضوء قنديل
تناثر في خميله
ولكل بيت كان يرسم للمدي
وطنـا.. وقداسا.. ومئذنة جميله
هذا القلم
أسكنته عيني..
وهام علي ضفاف النيل عشقـا
وارتوي بين الربوع
كم كان يشرق بين أوراقي
إذا انـطفأت شموس العمر..
واختنقت مع القهر الشـموع
لم يعرف الإذلال يوما.. والخضوع
بين الفنادق.. والمصانع.. والبيوت
من يشـتري قلما
تطارده خيوط العنكبوت؟
من يشتري قلما حزينـا داميا
رفض التنطع والتدنـي والسكوت ؟
بين المزاد أراه في صمت.. يموت
من قصيدة شاعر في المزاد2000
بين الفنادق والمصانع والمتاحف والمتاجر
شيء جميل أن تضيء مزادكم أوراق شاعر
في كل بيت من قصائده
تغنيـ الحب.. وانسابت مشاعر
هو لم يكن يوما من الأيام دجالا..
ولم يحمل مباخر
هو لم يمارس لعبة العهر المقـنع
بالعفاف
ولم يلوث وجهه دنس الصغائر
هو لم يغير لونـه المنقوش
من طين الحقـول
ولم يحارب بالحناجر
هو ماء هذا النهر..
حين يجيء مندفعا.. وفي شمم يكابر
هو من شذي هذي الضفاف
وكم تعذب في هواها قلب شاعر
ماذا تبيع الآن في هذا المزاد ؟
هذا القلم
أسكنته عيني.. وحلق في سماء النـيل
أزمانـا طويله
قد عاش يرسم كل يوم ضوء قنديل
تناثر في خميله
ولكل بيت كان يرسم للمدي
وطنـا.. وقداسا.. ومئذنة جميله
هذا القلم
أسكنته عيني..
وهام علي ضفاف النيل عشقـا
وارتوي بين الربوع
كم كان يشرق بين أوراقي
إذا انـطفأت شموس العمر..
واختنقت مع القهر الشـموع
لم يعرف الإذلال يوما.. والخضوع
بين الفنادق.. والمصانع.. والبيوت
من يشـتري قلما
تطارده خيوط العنكبوت؟
من يشتري قلما حزينـا داميا
رفض التنطع والتدنـي والسكوت ؟
بين المزاد أراه في صمت.. يموت
من قصيدة شاعر في المزاد2000
في وداع الحزب الوطني
في وداع الحزب الوطني
بقلم: فاروق جويدة
بقلم: فاروق جويدة
رحل الحزب الوطني غير مأسوف عليه وانتهت مع رحيله فترة هي الأسوأ في تاريخ العمل السياسي في مصر.
أخيرا أسدل الستار علي ثلاثين عاما من الاحتيال السياسي الذي أفسد حياة المصريين وجعلهم يكرهون الانتخابات واللجان والتصويت والنتائج المزورة.. عشنا دائما نحلم بأن نصافح في يوم من الأيام صباحا جديدا نستقبل فيه الحياة بدون الحزب الوطني.. هذا الحلم راود ملايين المصريين في كل مكان علي أرض المحروسة أن ينتهي هذا الشبح المخيف وان تختفي من حياتنا إلي الأبد تلك الوجوه الكريهة التي غيرت ماء النيل فصار أكثر مرارة.. وغيرت وجه الحدائق فصارت أكثرسوادا.. وغيرت طباع الناس فصاروا أكثر شراسة وانكسارا وغيرت كل طبائع الأشياء في الوادي الجميل..
أخيرا كتبت محكمة القضاء الإداري آخر سطر في منظومة الفساد التي أطلق عليها الحزب الوطني وفي رواية أخري الحزن الوطني وشمل الحكم عودة المنشآت والمباني التي سطا عليها الحزب إلي ملكية الدولة..
لا أذكر عدد المرات التي كتبت فيها عن الحزب الوطني مطالبا برحيله. ولا أذكر عدد الصرخات التي انطلقت في سماء الإعلام المصري ضد هذا الكيان الغريب المشبوه.. كان الحزب الوطني تركيبة غريبة في كل شيء.. حيث لا ملامح ولافكر ولا قضية.. إنه حزب النهب المشروع ولا أدري متي كان النهب عملا مشروعا.. ومتي كانت السرقة عملا أخلاقيا ومتي كان التزوير سلوكا صحيحا ولكن كل هذه الموبقات شيدتها ببراعة عصابة الحزب الوطني ووضعت لها منظومة متكاملة في النصب والاحتيال..
كان الحزب الوطني أبنا غير شرعي فلا أحد يعرف هل جاء من صلب الاتحاد القومي أو الاتحاد الاشتراكي أم حزب مصر أم أن هؤلاء جميعا كانوا شركاء فيه.. إن الأمر المؤكد أنه كان ابنا لهؤلاء جميعا حمل من صفاتهم الكثير والكثير.. لقد حمل من جينات الاتحاد الاشتراكي ملامح الاشتراكية الكاذبة والمزيفة.. وحمل من جذور الاتحاد القومي شعارات بلا معني وحمل من حزب مصر قوافل الانتفاخ الاقتصادي ثم أكمل رحلته مع بيع أصول الدولة المصرية ما بين الشراكة والخصخصة وهبر المال العام..
لا أحد يعرف أصل الحزب الوطني وكيف بدأ حزبا سياسيا لينتهي في هيئة عصابة استباحت موارد وطن ومستقبل شعب..
لا أحد يذكر للحزب الوطني قضية فكرية دافع عنها فقد كان الحزب الوحيد في تاريخ السياسة في مصر الذي لا يضم برنامجا ثقافيا أو لجنة فكرية, كان ساحة من ساحات الجهل والتخلف والوعي المزيف.. ولا أحد يذكر له قضية اجتماعية دفاعا عن طائفة واحدة من أبناء هذا الشعب.. ولا أحد يذكر للحزب الوطني موقفا سياسيا ضد عدوان أو هجوم أو محنة تعرضت لها مصر في كل المجالات.. لم يتحرك الحزب الوطني في أي حدث كبير دار في مصر أو في المنطقة العربية أو في أي مكان في العالم حتي من باب المجاملة والتعاطف..
لقد تهمشت كل قضايا مصر ثلاثين عاما أمام سطوة الحزب الوطني فكل شيء علي ما يرام مادام الحزب يعقد مؤتمره السنوي وتشهد احتفالاته ذلك العرس الملكي الذي تتناقله الشاشات والصحف والمجلات حيث تتهادي عصابة الحكم وهي تختال بين الأعضاء الغائبين والمغيبين..
لقد ترك الحزب الوطني كل قضايا مصر الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية والدينية واكتفي بقضية واحدة شغلته طول الوقت هي بيع أصول الدولة المصرية..
لقد نجح الحزب الوطني نجاحا مذهلا في تخريب أصول الدولة المصرية في سنوات قليلة.. لقد استطاع هذا الحزب أن يجمع أكبر عدد من المغامرين والسماسرة الذين استباحوا ثروة هذا الشعب أين ضاعت أموال مصر ومن الذي نهب ثروة هذا الوطن..
< في ظل حكومات الحزب الوطني خسرت مصر أكثر من مليون فدان من أخصب الأراضي الزراعية حيث تحولت إلي مبان وقامت هذه الحكومات بتوزيع ثلاثة ملايين فدان ما بين المنتجعات السكنية والسياحية وملاعب الجولف والبحيرات الصناعية ومساكن الصفوة وبيوت الشباب التي لم يسكنها أحد والمدن الجديدة التي تم توزيعها علي رجال الأعمال من أعضاء الحزب في مدن أكتوبر والعاشر من رمضان والرحاب ومدينتي و15 مايو وبالم هيلز والغردقة وشرم الشيخ والأقصر وأسوان والواحات, لقد نهب الحزب الوطني كل الأراضي المصرية والمطلوب الآن أن تعود هذه الأراضي مرة أخري إلي أصحابها..
< في ظل حكومات الحزب الوطني تم بيع أكثر من300 وحدة إنتاجية من وحدات القطاع العام بتراب الفلوس.. ولو أن لجان التحقيق بدأت في كشف هذه الصفقات المشبوهة لاتضح لنا حجم العمولات والسمسرة والعمال المشردين ومصانع الحديد والسيارات والأسمنت والأغذية والمشروبات والسلع الغذائية والفنادق وعمر أفندي وجتنيو وشكوريل وصيدناوي وكل هذه الصفقات المشبوهة وكل أوراقها عند عاطف عبيد وأحمد نظيف ويوسف بطرس غالي وعز ورشيد والمغربي وعصابة رجال الأعمال الذين باعوا أصول الدولة المصرية..
< في ظل حكومات الحزب الوطني تم توريث الدولة المصرية فقد قام كل مسئول في الدولة بتوريث ابنه جزءا من الغنيمة حيث إن كبار المسئولين في الدولة تركوا لأبنائهم مواقعهم حين صعدوا إلي مواقع أخري.. وتكونت مواكب من العائلات في شئون البيزنس وإدارة الأعمال وأصبحت ثروة مصر كلها بتجارتها وأراضيها ومصانعها موزعة علي خمس أو عشر عائلات كل واحدة منها تخصصت في مجال من المجالات.. كان توريث الثروة والمهن والأعمال الحساسة والمواقع الهامة أخطر عملية نهب تعرضت لها مصر في ظل الحزب الوطني.. لقد تم توريث كل شيء في مصر وكان الهدف هو التمهيد للوريث الأكبر.. ومن يحاول البحث عن هذه الحقيقة عليه أن يأتي بجداول المعينين في المهن الهامة في الدولة ويتتبع الأسماء ليدرك أننا كنا نعيش في عزبة صغيرة وليست دولة عريقة تسمي مصر وكان توريث المناصب أكبر خطرا من توريث الثروة..
وكانت النتيجة أن مصر بعد ثلاثين عاما من الخراب تبحث الآن عن كفاءات بشرية مؤهلة ولا تجد شيئا وسط85 مليون مواطن موزعين بين20 مليونا لا يقرأون ولا يكتبون و20 مليونا آخرين يعانون الأمية الثقافية و15 مليونا يعانون من أمراض الكبد وفيروس سي.. ولم يبق غير بضعة آلاف في المهن الهامة ومكاتب البيزنس والعائلات التجارية من أبناء الصفوة الذين ورثوا مصر مالا وبشرا..
لقد ترتب علي نظام التوريث المهني والسياسي والمالي الذي وضعه الحزب الوطني أنه كان يمثل غطاء محكما لمنظومة الفساد بحيث ان كل قادم جديد سوف يتستر علي فساد أبيه.. كان الهدف من هذا النظام المشبوه أن يخفي الأبناء فضائح وجرائم أبائهم ولكن ثورة25 يناير جاءت لتفضح الجميع..
< كان من أكبر جرائم الحزب الوطني أنه أفسد المناخ السياسي في مصر فلم يكن حزبا سياسيا حقيقيا يقدم الكوادر ويرعي الأفكار ويضع برامج الإصلاح والبناء والعمل ولكنه كان حزبا مشبوها في كل شيء ولهذا كان عدوا لكل نشاط سياسي حقيقي ومن هنا كان يسعي لتدمير الأحزاب الأخري فلا هو مارس العمل السياسي ولا هو ترك للأحزاب الأخري الحرية في أن تعمل ومن هنا كانت حالة الجمود والتصحر التي أصابت الأرض المصرية فخلت من الرموز السياسية ومن أصحاب الفكر الخلاق ومن كل صاحب موهبة حقيقية.. لقد جرف الحزب الوطني الأرض المصرية فلم تبق فيها زرعة خضراء واحدة..
< ومع فساد المناخ السياسي كان الخلل الثقافي والفكري والديني في الثقافة خسرت الثقافة المصرية أهم مجالاتها أمام فنون هابطة وغناء رخيص وإعلام مرتبك وصحافة مريضة.. وعلي المستوي الفكري غابت رموز الفكر المصري العريق في دورها وتأثيرها وريادتها.. وعلي المستوي الديني شهدت مصر مرحلة من أخطر مراحل تاريخها في الفهم الخاطيء للأديان وفي خطاب ديني خارج العصر سياقا وفكرا..
جرائم كثيرة حملتها ملفات الحزب الوطني في ثلاثين عاما وكانت آخرها تلك المواقف المشبوهة والأعمال الإجرامية التي ارتكبها الحزب ضد شباب الثورة ابتداء بموقعة الجمل الشهيرة وانتهاء بقناصة بنادق الليزر في ميدان التحرير ومئات الشهداء الذين سقطوا تحت نيران بلطجية وميليشيات الحزب الوطني وهم جميعا الآن ينتظرون مصيرهم أمام القضاء العادل..
هذا هو تاريخ الحزب الوطني الذي انتهيدوره المشبوه في حياة المصريين.. حزب ترك مصر مدينة بمبلغ1.2 تريليون جنيه بواقع15 ألف جنيه دينا علي كل مواطن.. في ظل هذا الحزب البغيض تلقت مصر600 مليار جنيه معونات دولية من الشرق والغرب لا أحد يعرف أين ذهبت.. وحققت قناة السويس دخلا تجاوز500 مليار جنيه والآن يخرج هذا الحزب من حياة المصريين وقد تركها أطلال وطن..
إذا كان حكم المحكمة الإدارية العليا قد أعاد للشعب ممتلكاته التي سرقها هذا الحزب المشبوه فإننا ننتظر عودة البلايين التي نهبتها قيادات هذا الحزب ابتداء بالرؤوس وانتهاء بالتوابع حيث ينبغي أن تراجع ممتلكات الحزب مراجعة صحيحة وأن تدرس جهات التحقيق ما حصل عليه أعضاء الحزب بالباطل من أصول الدولة المصرية بحيث يرجع الحق إلي أصحابه..
أن اختفاء الحزب الوطني ليس فقط نهاية حزب سياسي فاسد.. ولكنه نهاية عصر من الاحتيال والنهب والجرائم..
وإذا كانت عودة الأموال والممتلكات أمرا ممكنا.. فكيف نعيد للشعب المصري عمره الضائع..
. ويبقي الشعر
ماذا تبيع الآن في هذا المزاد ؟
من يشتري نظارتي ؟
منـها رأيت الكون أمجادا
تحلق في سماء مدينتي
ورأيت تاج الكبرياء..
يزين الوطن المهيب..
ويكتب التاريخ صحوة أمتي
ورأيت بين سطورها
وطنـا عنيدا صامدا
كم كان يرفع في شموخ هامتي
ورسمت فوق ربوعها أسراب طير
لا تكف عن الغناء..
ولا تفارق شرفتي
ألوانـها البيضاء كم رصدت
مفارق رحـلتي..
فيها انتصار.. وانشطار
وانكسار من سهام أحبتـي
نظارتي..
ماذ تبقـي من هموم الرحلة ؟
صخب المزاد.. وأنـت.. والكهان..
والزمن الملوث من دماء براءتي
ماذا تبيع الآن في هذا المزاد ؟
من يشتـري ثوبي القديم ؟
مازلت اعرف أنه ثوب قديم
هو يشبه النـيل القديم
ويشبه الوطن القديم
ويشبه الحزن القديم
سيقول بعض النـاس.. باعوا شاعرا
يبدو سقيم الروح..
في جسد سقيم
ويقول شعرا داميا
وكأنـه جرح مقيم
قد كان يوما كاللآلئ في دجي اللــيل البهيم
والآن في وسط المزاد..
يطوف كالكهـل العقيم
مازال يمضي شاحبا
تبدو عليه ملامح الزمن الدميم
يا سيدي
اتـرك لنا هذا العلم
كل الذي نرجوه..
أن يبقي لنا هذا العلم
اترك صلاح الدين
والسيف المحنـط فوق أطلال الهرم
واترك لنا شيئـا
يذكرنا بهذي الأرض بعض نخيلهـا
بعض الخـيول..
وما تبقـي في دمانـا من همم
اترك لنا خوذاتنا الصفراء.. عل بريقها
يوما يضيء مقابر الشـهداء..
تنبت من بقاياهم ذراع.. أو قدم
ويثور في صمت الرمال..
صهيل أوردة.. وأكفان.. ودم
ويطل من أعماق هذا الليل وجه غاضب
وبكل سطـر في ملامحه ألم
سيقوم من صمت التراب
ويرفع الأيدي التي سكنت
ويمسك في أصابعه قلم
ويعود يكتب من جديد
فوق جدران الهرم
(اقرأ وربك الأكرم(3)
الذي علم بالقلـم(4)
علم الإنسان ما لم يعـلم)
أنتم ورب النـاس من خير الأمم
أنتم ورب النـاس من خير الأمم
من قصيدة شاعر في المزاد2000
ماذا تبيع الآن في هذا المزاد ؟
من يشتري نظارتي ؟
منـها رأيت الكون أمجادا
تحلق في سماء مدينتي
ورأيت تاج الكبرياء..
يزين الوطن المهيب..
ويكتب التاريخ صحوة أمتي
ورأيت بين سطورها
وطنـا عنيدا صامدا
كم كان يرفع في شموخ هامتي
ورسمت فوق ربوعها أسراب طير
لا تكف عن الغناء..
ولا تفارق شرفتي
ألوانـها البيضاء كم رصدت
مفارق رحـلتي..
فيها انتصار.. وانشطار
وانكسار من سهام أحبتـي
نظارتي..
ماذ تبقـي من هموم الرحلة ؟
صخب المزاد.. وأنـت.. والكهان..
والزمن الملوث من دماء براءتي
ماذا تبيع الآن في هذا المزاد ؟
من يشتـري ثوبي القديم ؟
مازلت اعرف أنه ثوب قديم
هو يشبه النـيل القديم
ويشبه الوطن القديم
ويشبه الحزن القديم
سيقول بعض النـاس.. باعوا شاعرا
يبدو سقيم الروح..
في جسد سقيم
ويقول شعرا داميا
وكأنـه جرح مقيم
قد كان يوما كاللآلئ في دجي اللــيل البهيم
والآن في وسط المزاد..
يطوف كالكهـل العقيم
مازال يمضي شاحبا
تبدو عليه ملامح الزمن الدميم
يا سيدي
اتـرك لنا هذا العلم
كل الذي نرجوه..
أن يبقي لنا هذا العلم
اترك صلاح الدين
والسيف المحنـط فوق أطلال الهرم
واترك لنا شيئـا
يذكرنا بهذي الأرض بعض نخيلهـا
بعض الخـيول..
وما تبقـي في دمانـا من همم
اترك لنا خوذاتنا الصفراء.. عل بريقها
يوما يضيء مقابر الشـهداء..
تنبت من بقاياهم ذراع.. أو قدم
ويثور في صمت الرمال..
صهيل أوردة.. وأكفان.. ودم
ويطل من أعماق هذا الليل وجه غاضب
وبكل سطـر في ملامحه ألم
سيقوم من صمت التراب
ويرفع الأيدي التي سكنت
ويمسك في أصابعه قلم
ويعود يكتب من جديد
فوق جدران الهرم
(اقرأ وربك الأكرم(3)
الذي علم بالقلـم(4)
علم الإنسان ما لم يعـلم)
أنتم ورب النـاس من خير الأمم
أنتم ورب النـاس من خير الأمم
من قصيدة شاعر في المزاد2000
مصر التي نريدها
مصر التي نريدها
بقلم: فاروق جويدة
في مثل هذه الأيام من العام الماضي كنا نتحدث عن أحلام كثيرة تراودنا وفقدنا الأمل في أن نحقق حلما واحدا منها..
كنا نكتب ولا يقرؤنا أحد.. وكنا نصرخ ولا يسمعنا أحد.. وكنا نطالب بالإصلاح ولا يستجيب لنا أحد.. كانت أقصي أحلامنا أن نشهد تغييرا وزاريا يأتي بوجوه يريدها الشعب.. كنا نحلم بتغيير وزيرين أو ثلاثة.. وكنا قد نسينا قضية تعيين نائب لرئيس الجمهورية بعد أن تأكدت فكرة التوريث وسيطرت علي رأس الحكم..
وصغرت أحلامنا أكثر مع مرور الأيام وتمنينا تغيير قانون الضريبة العقارية ولم يتغير.. ثم وجدنا آلاف المتظاهرين أمام مجلس الشعب ومجلس الوزراء ولم يخرج لهم احد.. وتراجع رصيد الأحلام تماما لنجد أنفسنا أمام أكبر عملية تزوير تشهدها مصر في الانتخابات البرلمانية في نهاية عام2010 لنجد518 عضوا في مجلس الشعب بدون معارضة ثلاثون عاما ننتظر نائبا للرئيس.. وخمسة وعشرون عاما ننتظر خلع وزير وثلاثة عقود كاملة يحكمنا فيها شخص واحد..
في ظل هذه الاحباطات والانكسارات والأحلام الضائعة وفقدان الأمل أطلت علينا ثورة25 يناير وقد مضي عليها الآن ثلاثة شهور فقط.. اي تسعين يوما أي12 أسبوعا كانت فيهم جمعة الغضب وجمعة الرحيل وجمعة الصمود وجمعة رد الجميل للقوات المسلحة كل يوم من هذه الأيام شهد ميلادا جديدا لمصر الشعب والوطن والإرادة..
يجب ان نسجد لله شكرا وعرفانا وأن نصلي من أجل شهدائنا الأبرار الذين رحلوا قبل أن يشاهدوا بعيونهم مصر الإرادة التي تصنع الآن غدها الجديد..
في هذه الشهور الثلاثة من يصدق كل ما جري من أحداث علي أرض الكنانة.. من يصدق أن جيش مصر العظيم اختار في لحظة تاريخية فارقة أن يقف مع الثورة وأن يحمي مصر الوطن والشعب والإرادة.. من يصدق أن هذه الشهور شهدت رحيل رأس النظام وتولي المجلس العسكري مسئولية الحكم وإلغاء مجلسي الشعب والشوري وتغيير ثلاث وزارات وتعيين نائب لرئيس الجمهورية وإلغاء الحزب الوطني وقياداته وإلغاء لجنة السياسات وسقوط نظرية التوريث.. وتعديل الدستور وإجراء أول استفتاء دستوري صحيح منذ ستين عاما.. وفي هذه الشهور سقطت منظومة الفساد التي نهبت موارد مصر كلها ووجدنا خلف القضبان وفي السجون نظام الحكم كاملا بكل رموزه وهو الآن يحاكم أمام العدالة بلا إجراءات استثنائية أو محاكم عسكرية.. إنها ولأول مرة في مصر دولة القانون..
من كان يصدق أن نعيش ويمتد بنا العمر حتي نري كل هذه الأحداث التي طاردناها زمنا طويلا حتي أجهدنا الحلم وروعنا الأمل..
هذه الأحداث تضع علي عاتقنا مسئولية كبيرة أمام أنفسنا وأمام هذا الوطن.. لا ينبغي أن نترك الأشياء الصغيرة تستهلك منا العمر والوقت والزمن لان كل دقيقة تمضي دون أن تحملنا للإمام تمثل خسارة كبيرة.. بعد أن انجزنا كل هذه الأشياء نقف الآن حائرين أمام أشياء غريبة ليس هذا وقتها..
< صراعات باسم الدين بين المتدينين أنفسهم بعضهم البعض وصراعات علي المنابر ومن أولي بخطبة الجمعة والهيمنة علي المساجد.. إنها بيوت الله وهي ملك لنا جميعا ولا ينبغي ان نختلف علي الشعائر والأماكن لأننا أمام لحظة تحتاج بأن نتوحد امامها مسلمين وأقباطا حتي لا تفلت من يدنا ونندم عليها ما بقي لنا من العمر.. أن وحدة هذا الشعب يجب أن تتجاوز كل الخلافات وعلي الأزهر الشريف وامامه الأكبر فضيلة د. أحمد الطيب أن يجمع رموز هذه الجماعات باختلاف توجهاتهم نحو هدف وطريق واحد هو وحدة المصريين..
< هناك صراعات واختلافات بين أبناء النخبة المصرية العريقة التي تاه منها الطريق في معارك للعلمانيين واليساريين والليبراليين والاشتراكيين والرجعيين وكل هذه المسميات والألقاب رغم أن الشعب الذي يعاني من الأمية بكل ألوانها هو الأحق الآن بان نرسم له طريقه نحو الحرية والديمقراطية علي أساس من الوعي والفهم والمسئولية..
لا اتصور خلافات في المواقف بين شباب الثورة الذين وحدوا هذا الشعب بكل توجهاته وفصائله وطوائفه.. هؤلاء الشباب الذين قدموا لهذه الأمة أروع نماذج التوحد وهم يخوضون أنبل معركة خاضها هذا الشعب من أجل تحرير ارادته من قوي البطش والفساد.. لا أتصور شباب هذه الثورة إلا في صورة فريق واحد يحمل هذا الوطن إلي مستقبل جديد.. ليس هناك ما يمنع من خلافات في الرأي أو المواقف أو الأفكار والرؤي ولكن كل هذه الأشياء ينبغي أن تتجه نحو هدف واحد هو إعادة بناء مصر لأنها في حاجة لنا جميعا باختلاف أفكارنا ورؤانا..
< لا أتصور أن تكون أولي خطواتنا علي طريق الحرية أن نقطع خط السكة الحديد الذي يربط أسوان بالاسكندرية أو أن نشهد حملات للاستيلاء علي مساجد الاسكندرية أو أن نقتحم المستشفيات ليسرق البلطجية المعدات ويطاردون المرضي.. من حق أهالي قنا أن يتظاهروا رفضا للمحافظ الجديد ليس لأنه مسيحي وأن يحرسوا بأجسادهم خط السكة الحديد حتي يصل الطعام والدواء إلي أهالي أسوان ويجد المرضي طريقهم إلي القاهرة والاسكندرية ولا نحرم أساتذة الجامعات والطلاب في الشمال أو الجنوب من الوصول إلي جامعاتهم ولا نحرم المحاكم من قضاتها ولا نحرم الأبناء من آبائهم المغتربين.. من حق سكان أي محافظة أن يتظاهروا اعتراضا علي موقف أو قرار ولكن دون تعطيل لمصالح الناس أو تعريضهم للمخاطر في طعام أو دواء أو حماية..
ان اقتحام المستشفيات والمدارس وتهديد الأطفال وقطع المواصلات وتخويف المرضي كل هذه السلوكيات الغريبة والشاذة لا تتناسب أبدا مع ثورة25 يناير التي أذهلت العالم وجعلته يقف مبهورا بهذا الإنجاز الحضاري العظيم..
< لا أتصور أن يتحول الإعلام المصري إلي نواقيس للتشفي والشماتة من المسئولين السابقين وهم يحاكمون الآن أمام القضاء.. أعرف أن منهم من مارس كل الوان الظلم ضد هذا الشعب.. ومنهم من اعتدي علي قدسية القضاء والقوانين ومنهم من سرق أموال هذا الشعب ومن نهب موارده ولكن نحن الآن أمام العدالة وإذا كنا نريد مجتمعا يحترم القضاء ويؤمن بالعدل فيجب أن نقدم المثل والقدوة.. لدينا احساس طويل بالظلم.. ولدينا احساس عميق بالمرارة والمهانة.. ولكن حين يكون الأمر في يد القضاء والعدالة فإن المتهم بريء حتي تثبت ادانته.. نحن الآن أمام قضاء مصر الشامخ وسوف يحاسب كل فاسد أفسد وكل مسئول أخطأ وعلينا الآن أن نترك كل شيء في يد العدالة ونطوي صفحة الأمس قليلا لأن إعادة البناء أهم كثيرا من البكاء علي أطلاله.. ليست هذه دعوة للصفح أو الغفران فلا غفران في دم ولا صفح في خيانة ولا تسامح في حق شعب وثروات وطن ولكن الحقد لا يبني أوطانا..
كان أعظم ما في ثورة25 يناير أن شبابها لم يقتل أحدا وأن الوجوه الطاهرة لم تلوث يدها دماء بريئة وأن شهداءها الأبرار قد لقوا ربهم أطهارا وأن القتلة والمأجورين الذين خانوا أمانة المسئولية سيلقون الجزاء أمام قضائنا العادل..
< ان الشعب المصري مصاب بحالة ذهول من حجم الفساد الذي طفح علينا منذ قيام الثورة وحتي الآن.. لم يكن أحد يتخيل هذا الحجم الرهيب من الخطايا والتجاوزات ونهب ثروات هذا الشعب.. ما الذي يجعل مسئولا كبيرا يسرق مال الشعب ليبني عشرة قصور ويستولي علي20 شقة ويشتري بيتا في باريس وآخر في لندن وثالثا في الغردقة ورابعا في شرم الشيخ.. كيف استطاع أن ينتقل في كل هذه الأماكن.. وكيف عاش فيها جميعا.. وماذا فعل الآن بالأموال الحرام التي تركها لأبنائه ومعها لعنات الملايين من سكان العشوائيات وسكان المقابر وأطفال الشوارع.. ان ممتلكات شخص واحد كانت تكفي لزواج وإسكان وإيجاد فرص عمل لأكثر من ألف شاب من الملايين الذين شاركوا في الثورة.
ماذا فعلتم بكل هذه الملايين وبأي حق اعتديتم علي حق هذا الشعب وماذا أنتم فاعلون أمام هذه الملايين الغاضبة..
أن دعوات سكان العشوائيات وهم يرفعون أيديهم للسماء ضد من ظلمهم وسرق أموالهم واستباح أعمارهم ستبقي لعنة تطارد كل مسئول نهب هذا الشعب.. أن مصر تنظر الآن الينا من بعيد وهي تنتظر الكثير..
مصر العظيمة تحلق مع روح شهدائها الأبرار وهي لا تعرف أعدادهم الحقيقية أمام تضارب الأرقام.. قالت وزارة الصحة ان عدد الشهداء360 شهيدا وقالت آخر المصادر أن عددهم846 شهيدا و6600 مصاب.. ومازلنا ننتظر إعلان الرقم الحقيقي.. لكننا نسأل كم من هؤلاء حصل علي التعويض الذي قررته الدولة والمعاش الذي أعلنته الحكومة..
مازالت مصر تنتظر قضاءها العادل وهو يعلن القصاص من القتلة الذين حاصروا بالرصاص ثورة أبناءنا الشرفاء وهم يهتفون للحرية في مظاهرة سلمية.. مازالت مصر تنتظر أحكاما عادلة لكل من فرط في المسئولية واعتدي علي أموال هذا الشعب صغيرا كان أم كبيرا.. ويجب أن تستكمل الأجهزة الرقابية في الدولة سواء كانت النائب العام أو الكسب غير المشروع أو الرقابة الإدارية مسئوليتها في الكشف عن الثروات غير المشروعة التي تسربت طوال السنوات الماضية وإذا كانت هذه الأجهزة قد بدأت بالرؤوس فإن المسئولية تفرض عليها أن تطارد لصوص المال العام في كل مواقعهم..
بعد90 يوما من قيام ثورة25 يناير في مصر الآن شعب جديد أكثر إيمانا بوطنه وأكثر حبا لترابه.. وأكثر احساسا بالأمل في غد أفضل..
بعد90 يوما فقط رأس النظام وأسرته وكل رموزه أمام القضاء حيث نبدأ عصرا جديدا يحترم الإنسان ويقدر البشر ويرفع سلطان العدالة فوق كل سلطان سوف نواجه مشاكل وأزمات وتحديات ومواقف ولكن مصر الشعب والجيش والإرادة قادرون علي تجاوز كل هذه التحديات..
بعد90 يوما من الثورة نجد أحلامنا وقد صارت حقيقة.. وما كنا نراه بالأمس خيالا أصبح واقعا بين ايدينا..
نريد مصر المترفعة بشعبها وأرضها ونيلها وسماها ووحدة شعبها مسلمين وأقباط.. نريد مصر الفن الراقي البديع والشعب الواعي المتحضر.. والإبداع الخلاق والدين الوسطي الحكيم..
نريد مصر التي لم تتخل يوما عن دورها الحضاري والإنساني وسط أمتها العربية من خلال نخبة مثقفة وشعب مسئول.. ونموذج إنساني رفيع..
نريد مصر بأزهرها الشريف قلعة الإسلام المستنير.. والفكر الخصب والرؤي الواعية.. نريد حكاما يحبون هذا الشعب كما أحبهم لأن مأساتنا كانت دائما أننا نحب من طرف واحد فقد أحببنا حكاما لا يستحقون هذا الحب..
نريد مصر الشعب الذي مات عشقا في ترابها واحبها في كل شيء أحبها وهي أرض مغتصبة في ظل احتلال غاشم.. وأحبها وهي وطن مهان في ظل حكام لم يعرفوا قدرها.. وأحبها أحلاما وأمجادا وانكسارات.. ثم أحبها وهي ثورة قدمت للعالم أروع ما تقدم الشعوب كيف يكون التغيير بلا دماء.. وكيف يكون الرفض بلا جريمة.. وكيف يكون الغضب بركانا بشريا يتجاوز كل الحدود.. من أجل مصر.. نحن جميعا يد واحدة..
وإن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم..
.. ويبقي الشعر
يا عاشق الصبح وجه الشـمس ينشطر
وأنجم العمر خلف الأفق تنتحــــــر
نهفـو إلي الحلم يحبو في جوانحنـــــا
حتـي إذا شب يكـبو.. ثم يندثـــــــر
ينـساب في العين ضوءا.. ثم نلمحه
نهرا من النار في الأعماق يسـتعـر
عمر من الحزن قد ضاعت ملامحـه
وشردتـه المني واليأس.. والضجـر
مازلت أمضي وسرب العمر يتبعني
وكلـما أشتد حلم.. عاد ينكســــــــر
في الحلم موتي.. مع الجلاد مقصلتي
وبين موتي وحلمي.. ينـزف العـمـر
إن يحكـم الجهل أرضا كيف ينقذها
خيط من النـور وسط الليل ينحسـر؟
لن يطلع الفجر يوما من حناجرنـا
ولن يصون الحمي من بالحمي غدروا
لن يكـسر القيد من لانت عزائمــه
ولن ينال العلا.. من شلــه الحـــــــذر
ذئب قبيح يصلـي في مساجدنــــا
وفوق أقـداسنـا يزهـــــــو.. ويفتخـــــر
قد كان يمشي علي الأشلاء منتشيا
وحوله عصبة الجـــــرذان تأتــــمــــر
من أين تأتي لوجه القـبح مكـرمــــة
وأنهر الملح هل ينـمو بها الشجـــــــر؟
القاتل الوغـد لا تحميه مسبحـــــــة
حتي إذا قــام وسط البيت يعتمــــــــــر
كم جاء يسعي وفي كفيه مقصلـــة
وخنـجــر الغدر في جنبيه يســـتتـــــــر
في صفقة العمر جلاد وسيـــــــده
وأمة في مزاد المــوت تنتحـــــــــــــر
يعقــوب لا تبتئس.. فالذئـب نعرفـه
من دم يوسف كل الأهــل قد سكـــروا
أسماء تبكي أمـــام البيـــت في ألم
وابن الزبير علي الأعنــاق يحتضـــر
أكاد ألمح خلــــف الغيب كارثــــة
وبحر دم علي الأشلاء ينـهمـــــــــــــر
يوما سيحكي هنا عن أمـــة هلكـت
لم يبق من أرضها زرع.. ولا ثمــــر
حقت عليهم من الرحمــن لعنتــــه
فعنـدما زادهم من فضله.. فجـــــــروا
يا فارس الشعر قل للشعـر معذرة
لن يسمع الشعر من بالوحي قد كفروا
واكتب علي القبر: هذي أمة رحلت
لم يبق من أهـلها ذكر.. ولا أثــــــــــر
يا عاشق الصبح وجه الشـمس ينشطر
وأنجم العمر خلف الأفق تنتحــــــر
نهفـو إلي الحلم يحبو في جوانحنـــــا
حتـي إذا شب يكـبو.. ثم يندثـــــــر
ينـساب في العين ضوءا.. ثم نلمحه
نهرا من النار في الأعماق يسـتعـر
عمر من الحزن قد ضاعت ملامحـه
وشردتـه المني واليأس.. والضجـر
مازلت أمضي وسرب العمر يتبعني
وكلـما أشتد حلم.. عاد ينكســــــــر
في الحلم موتي.. مع الجلاد مقصلتي
وبين موتي وحلمي.. ينـزف العـمـر
إن يحكـم الجهل أرضا كيف ينقذها
خيط من النـور وسط الليل ينحسـر؟
لن يطلع الفجر يوما من حناجرنـا
ولن يصون الحمي من بالحمي غدروا
لن يكـسر القيد من لانت عزائمــه
ولن ينال العلا.. من شلــه الحـــــــذر
ذئب قبيح يصلـي في مساجدنــــا
وفوق أقـداسنـا يزهـــــــو.. ويفتخـــــر
قد كان يمشي علي الأشلاء منتشيا
وحوله عصبة الجـــــرذان تأتــــمــــر
من أين تأتي لوجه القـبح مكـرمــــة
وأنهر الملح هل ينـمو بها الشجـــــــر؟
القاتل الوغـد لا تحميه مسبحـــــــة
حتي إذا قــام وسط البيت يعتمــــــــــر
كم جاء يسعي وفي كفيه مقصلـــة
وخنـجــر الغدر في جنبيه يســـتتـــــــر
في صفقة العمر جلاد وسيـــــــده
وأمة في مزاد المــوت تنتحـــــــــــــر
يعقــوب لا تبتئس.. فالذئـب نعرفـه
من دم يوسف كل الأهــل قد سكـــروا
أسماء تبكي أمـــام البيـــت في ألم
وابن الزبير علي الأعنــاق يحتضـــر
أكاد ألمح خلــــف الغيب كارثــــة
وبحر دم علي الأشلاء ينـهمـــــــــــــر
يوما سيحكي هنا عن أمـــة هلكـت
لم يبق من أرضها زرع.. ولا ثمــــر
حقت عليهم من الرحمــن لعنتــــه
فعنـدما زادهم من فضله.. فجـــــــروا
يا فارس الشعر قل للشعـر معذرة
لن يسمع الشعر من بالوحي قد كفروا
واكتب علي القبر: هذي أمة رحلت
لم يبق من أهـلها ذكر.. ولا أثــــــــــر
قصيدة كانت لنا أوطان سنة 1997
رد: هوامش حرة ـ فاروق جويدة
مصر الثورة.. وحسابات المستقبل
بقلم: فاروق جويدة
بقلم: فاروق جويدة
العلاقات بين الشعوب هي الابقي.. ومهما استراح الحكام في كراسي السلطة فهم الي زوال, ولااعتقد ان هناك مواطنا عربيا من المحيط الي الخليج لم يكن يحلم مثلنا ان تعود مصر الي موقعها ودورها قوية رائدة مضيئة بين الجميع..
كنا نتحاور مع المثقفين العرب ويتساءلون اين مصر وأين دورها ولماذا فرطتم فيه.. سنوات طويلة غابت فيها مصر عن عالمها العربي وتراجع دورها واختصرت وجودها في بقعة صغيرة علي شواطيء شرم الشيخ حيث كانت تدار شئون اكبر دولة عربية.. اختصرنا مصر في عدد من المهرجانات الصاخبة وعدد من رجال الاعمال المغامرين.. وعدد من المسئولين الباحثين عن الصفقات والمصالح وعدد من الراكعين في رحاب السلطان وعدد من المثقفين من حملة الابواق والمباخر.. اما مصر الفكر والثقافة والدور والهيبة والمسئولية فقد غابت امام حسابات خاطئة وادوار مشبوهة ومسئولين باعوا انفسهم للشيطان..
لقد تراجع الدور المصري وأصبح حائرا بين عاصمتين اثنتين في السياسات والمواقف والحسابات.. مابين ثلاثية شرم الشيخ تل ابيب واشنطن عاشت مصر حبيسة ضمانات البقاء في السلطة وبرامج التوريث والمزيد من المكاسب.. عاشت مصر بكل ثقلها وتاريخها بين ايدي مجموعة من تجار السياسة والمال والصفقات المريبة..
< غاب دور مصر السياسي واصبحت كل اوراق اللعبة السياسية في يد امريكا واسرائيل وكبر الدور الاسرائيلي في المنطقة وكان كل يوم يسحب من رصيد الدور المصري دوليا وعربيا واقليميا.. واستطاعت الادارة الامريكية ان تضع اقدامها في كل ربوع العالم العربي في ظل غياب كامل للدور المصري.. وظهرت اطراف اخري استطاعت ان تتسلل وتمتد أذرعها وتشارك بل وتضع يدها علي مفاتيح كثيرة في المنطقة كما حدث مع ايران وتركيا.. وانسحبت مصر من عمقها الاستراتيجي في السودان ومنابع النيل والمغرب العربي بل انها ارتكبت حماقات كثيرة كان منها موقعة الجزائر الاعلامية وهي من أسوأ المشاهد في تاريخ السياسة المصرية كما انها انسحبت تماما من السودان ليتم تقسيمه وتركت البحر الاحمر للقراصنة والمغامرين.. لقد اقتصر دور مصر علي ترويج منظومة السلام العاجز مع اسرائيل في ظل وصاية امريكية وشراكة اوروبية مشبوهة..
< غاب دور مصر الاقتصادي ويكفي ان مصر قد خرجت تماما من اهم وأخطر فترات خطط النمو الاقتصادي في دول الخليج العربي حيث انفقت هذه الدول بلايين الدولارات في مشروعات البنية الاساسية والانتاج والخدمات والمرافق واستأثرت امريكا واوروبا والهند والصين بكل هذه البرامج في حين خرجت مصر منها تماما وقد كانت هي الاحق بأن تكون الشريك الاكبر.. اكتفت مصر بفتات علاقات مشوهة مع الشراكة الاوروبية أو صفقات هزيلة مثل الكويز أو بيع اهم سلعة مصرية مطلوبة في كل العالم وهي الغاز الي اسرائيل. في فترات الطفرة الاقتصادية في دول الخليج غاب دور مصر واكتفي المسئولون فيها بالرحلات الخاصة والهدايا الشخصية والصفقات المشبوهة وكان كل مسئول يزور هذه الدول يوقع عقود شركاته وشركات ابنائه ولايحمل منها للمصريين شيئا.
< غاب دور الثقافة المصرية والاعلام المصري عن المواطن العربي.. باعت مصر كل تراثها السينمائي والغنائي للفضائيات العربية الوليدة.. وتم نهب تراثها التاريخي من الوثائق والمخطوطات النادرة.. حتي اللوحات الفنية العالمية كانت تسرق في عز النهار كما حدث مع زهرة الخشخاش.. وتراجع الغناء المصري وتحول المطربون المصريون للغناء الخليجي.. وقدمت السينما المصرية أسوأ اعمالها من سينما المقاولات الي المخدرات الي الجنس.. وتحولت الثقافة المصرية في ظل ثقافة السوق الي بوتيكات للانتاج الثقافي, وسيطرت الحظيرة الثقافية علي العقل المصري فانتشر التطرف الديني في كل ربوع مصر والمسئولين عن الثقافة هائمون في مهرجانات الرقص والصخب المجنون.
كان تراجع الدور الثقافي المصري في العالم العربي من اكبر الخسائر التي لحقت بالثقافة المصرية.. ولم يكن غريبا امام هذا الغياب ان تتراجع اللغة العربية ليس في مصر وحدها, ولكن في العالم العربي كله امام غياب الدور المصري وان تسيطر الجامعات والمدارس الاجنبية علي برامج التعليم, وان تصبح الثقافات الوافدة في التعليم والفنون واللغات هي المصدر الاول في الدول العربية امام غياب الدور المصري صاحب النفوذ والريادة..
وامام الثورة الاعلامية في العالم العربي لم تستطع مصر الصمود امام المنافسة الضارية ورؤوس الاموال الضخمة. كنا نتحدث عن الريادة الاعلامية وحولنا تدور معارك ضخمة في الانتاج والتوزيع والالحاح بالغناء والمسلسلات والبرامج, ووجدنا انفسنا ذات يوم في معركة عنيفة مع قناة وليدة تسمي الجزيرة استطاعت ان تقتحم كل حسابات تكنولوجيا الاعلام المعاصر..
< غاب دور الانسان المصري في العالم العربي بفكره وثقافته ووعيه.. وكان دائما اهلا للتكريم والترحيب والاشادة لم يعد المدرس كما كان من حيث الأثر والمكانه.. ولم يعد الطبيب هو نفس الطبيب ولا عالم الدين هو نفس العالم وللاسف الشديد ان من ذهبوا في رحلات عمل عادوا بأفكار واشكال وعقول اختلفت تماما عن النسيج المصري القديم الرائع في فكره المبدع وتدينه السليم ومفاهيمه الراقية..
سقطت بين ايدينا ثمار كثيرة مرة طوال السنوات العجاف.. كانت اسفار المسئولين صفقات خاصة.. وكانت مواكب المغامرين تسبق اصحاب الفكر والابداع والرؤي..
ان مايؤكد ان حسابات القرار في مصر كانت خاطئة ومغرضة ماحدث في الشهور الاخيرة ومنذ قيام ثورة25 يناير.. ويبدو انه كان من الضروري ان تحدث الثورة حتي تعود مصر الي شعبها وامتها العربية.. كان الغياب طويلا.. وكان الثمن فادحا.
لقد تغيرت تماما مشاعر الاشقاء العرب تجاه مصر بعد الثورة وصاحوا معنا في وقت واحد لقد عادت لنا مصر التي نعرفها.. عشرات المصريين في الدول العربية يبعثون الآن برسائلهم الينا يتحدثون عن فرحة الشعوب العربية بثورة الشعب المصري.. لقد عادت مصر الي مكانتها في قلوب الاشقاء العرب عادت بشموخها وتاريخها وصورتها الحقيقية في الوجدان العربي.
لقد شهدت القاهرة في السنوات الماضية عشرات المؤتمرات واللقاءات والمناورات بين فتح وحماس ولم تصل الي شيء.. وفي ساعات قليلة جمعت القاهرة شمل الاشقاء لتتم المصالحة مع ثورة يناير العظيمة.. لقد قدمت مصر للقضية الفلسطينية كل الدعم حربا وسلاما.. وكانت القاهرة هي الملاذ الآمن لكل قيادات الشعب الفلسطيني ابتداء بياسر عرفات والشيخ احمد ياسين.. وفي ساعات قليلة تم الاتفاق بين حماس وفتح لتبدا مصر دورا حقيقيا في تحقيق سلام عادل يعيد للشعب الفلسطيني حقه في حياة كريمة ووطن آمن..
كانت معركة الوفاق الفلسطيني واحدة من ثمار ثورة25 يناير والنهج الواعي الذي اتخذه المجلس العسكري والخارجية المصرية وجهاز الامن القومي, ونحن علي أعتاب مرحلة جديدة لاستعادة الدور السياسي المصري.
لقد ثارت شكوك كثيرة حول موقف دول الخليج العربي من الثورة المصرية ورغم ان قيادات هذه الدول اكدت احترامها وتقديرها لارادة الشعب المصري الا ان هناك من يحاول إثارة الفتنة.. ان الشيء المؤكد ان دول الخليج العربي, وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية تضع الشعب المصري دائما في كل حساباتها.. حدث هذا رغم الخلاف مع ثورة يوليو وانعكس بصورة واضحة في موقف الراحل الكبير الملك فيصل في مؤتمر الخرطوم والدعم العربي لمصر بعد نكسة67, واتضح ايضا بعد اتفاق كامب ديفيد مع اسرائيل ولاشك ان الثورة المصرية لاتهدد احدآ لان لكل وطن ظروفه ولكل شعب ثوابته واهل مكة أدري بشعابها.
لقد تساءل المصريون كثيرا عن اسباب توقف مشروع انشاء الجسر البري بين مصر والسعودية عند مضيق تيران والعقبة, وقد تم وضع خطة انشاء هذا الجسر منذ14 عاما, وكان المفروض ان يتم انشاؤه في ثلاث سنوات بتكاليف تبلغ ثلاثة مليارات دولار بطول23 كيلومتر.. لااحد حتي الان يعلم لماذا توقف هذا المشروع فجأة وهل كان الرفض الاسرائيلي هو السبب!
ولاشك ان الدول العربية يهمها في الدرجة الاولي استقرار مصر وامنها ورخاءها.. وقد كانت رحلة رئيس الوزراء د.عصام شرف بداية طيبة مع دول الخليج التي زارها.
هناك ملفات اخري دخلت الي دائرة الاهتمام في القرار المصري بعد ثورة25 يناير.. كان في مقدمة هذه الملفات الموقف مع السودان, ولاشك ان زيارة وفد مصري رفيع للخرطوم برئاسة رئيس الوزراء في الاسابيع الماضية قد اعاد الكثير من الدفء للعلاقات المصرية السودانية, كان ملف السودان من الملفات التي اهملناها زمنا طويلا والآن يعود السودان الي موقعه الاصيل في دائرة القرار المصري..
كانت زيارة الوفد الشعبي المصري الي اوغندا انجازا كبيرا علي المستوي السياسي والشعبي.. وهناك زيارة اخري تمت منذ ايام لوفد آخر سافر الي اثيوبيا ليعيد جسور التواصل مع دول حوض النيل.. وعندما حدثت موقعة الزمالك مع الفريق التونسي في القاهرة سافر وفد شعبي مصري الي تونس ليقدم الاعتذار, وهنا يتضح لنا الفرق في سلطة القرار بين ماحدث في فضيحة الجزائر والاعتذار للشعب التونسي الشقيق.
كان رفض المعونة الامريكية المشروطة موقفا كريما يليق بمصر الشعب والقرار, وعلينا ان ننتبه من الآن للمنح الوافدة للمجتمع المدني من الخارج لان وراءها اغراضا كثيرة مشبوهة.
في شهور قليلة ومن خلال رؤي وحسابات جديدة اختلفت مواقف الادارة المصرية في ظل الاهداف والمصالح التي تؤكد دور مصر.. كانت هناك مجموعة دوائر تكمل بعضها من خلال سياسات جديدة.. ان المجلس العسكري يضع الاهداف ويترك لمؤسسات الدولة والحكومة ان تمارس حقها في اتخاذ القرار المناسب.. وقد اضاف المجلس بوعي شديد دائرة جديدة للقرار المصري وهي المشاركة والدور الشعبي وقد كان دورا مهملا ومعزولا عن كل مايجري ومايدور..
ايقاع مختلف في معالجة موقف مصر من الاشقاء في حماس وفتح لأن مصر الثورة تسعي الي الوفاق ولان وحدة الفلسطينيين تعطي الجانب الفلسطيني مصادر قوة جديدة في مفاوضات السلام اذا كانت اسرائيل تسعي بالفعل الي سلام عادل مع الفلسطينيين..
ايقاع مختلف في قضية مياه النيل حيث شهدت لأول مرة دخول الجانب الشعبي الوطني في حوار حول هذه القضايا مع دول حوض النيل.
حراك رسمي غير مسبوق في قضايا تهم الامن القومي المصري شاركت فيها لأول مرة القوي الشعبية في محاور ثلاثة: قضية المصالحة في غزة علي حدود سيناء مع اسرائيل.. وقضية العمق الاستراتيجي لمصر في السودان الشقيق.. وقضية مياه النيل في الجنوب خاصة بعد استقلال دولة الجنوب وظهور واقع سياسي جديد.. ثم امن الخليج العربي وعلاقات تاريخية ممتدة بين الشعب المصري وأمته العربية بعد غياب طويل.
هناك فكرجديد يحكم القرار المصري بعد الثورة..
كنا نتحاور مع المثقفين العرب ويتساءلون اين مصر وأين دورها ولماذا فرطتم فيه.. سنوات طويلة غابت فيها مصر عن عالمها العربي وتراجع دورها واختصرت وجودها في بقعة صغيرة علي شواطيء شرم الشيخ حيث كانت تدار شئون اكبر دولة عربية.. اختصرنا مصر في عدد من المهرجانات الصاخبة وعدد من رجال الاعمال المغامرين.. وعدد من المسئولين الباحثين عن الصفقات والمصالح وعدد من الراكعين في رحاب السلطان وعدد من المثقفين من حملة الابواق والمباخر.. اما مصر الفكر والثقافة والدور والهيبة والمسئولية فقد غابت امام حسابات خاطئة وادوار مشبوهة ومسئولين باعوا انفسهم للشيطان..
لقد تراجع الدور المصري وأصبح حائرا بين عاصمتين اثنتين في السياسات والمواقف والحسابات.. مابين ثلاثية شرم الشيخ تل ابيب واشنطن عاشت مصر حبيسة ضمانات البقاء في السلطة وبرامج التوريث والمزيد من المكاسب.. عاشت مصر بكل ثقلها وتاريخها بين ايدي مجموعة من تجار السياسة والمال والصفقات المريبة..
< غاب دور مصر السياسي واصبحت كل اوراق اللعبة السياسية في يد امريكا واسرائيل وكبر الدور الاسرائيلي في المنطقة وكان كل يوم يسحب من رصيد الدور المصري دوليا وعربيا واقليميا.. واستطاعت الادارة الامريكية ان تضع اقدامها في كل ربوع العالم العربي في ظل غياب كامل للدور المصري.. وظهرت اطراف اخري استطاعت ان تتسلل وتمتد أذرعها وتشارك بل وتضع يدها علي مفاتيح كثيرة في المنطقة كما حدث مع ايران وتركيا.. وانسحبت مصر من عمقها الاستراتيجي في السودان ومنابع النيل والمغرب العربي بل انها ارتكبت حماقات كثيرة كان منها موقعة الجزائر الاعلامية وهي من أسوأ المشاهد في تاريخ السياسة المصرية كما انها انسحبت تماما من السودان ليتم تقسيمه وتركت البحر الاحمر للقراصنة والمغامرين.. لقد اقتصر دور مصر علي ترويج منظومة السلام العاجز مع اسرائيل في ظل وصاية امريكية وشراكة اوروبية مشبوهة..
< غاب دور مصر الاقتصادي ويكفي ان مصر قد خرجت تماما من اهم وأخطر فترات خطط النمو الاقتصادي في دول الخليج العربي حيث انفقت هذه الدول بلايين الدولارات في مشروعات البنية الاساسية والانتاج والخدمات والمرافق واستأثرت امريكا واوروبا والهند والصين بكل هذه البرامج في حين خرجت مصر منها تماما وقد كانت هي الاحق بأن تكون الشريك الاكبر.. اكتفت مصر بفتات علاقات مشوهة مع الشراكة الاوروبية أو صفقات هزيلة مثل الكويز أو بيع اهم سلعة مصرية مطلوبة في كل العالم وهي الغاز الي اسرائيل. في فترات الطفرة الاقتصادية في دول الخليج غاب دور مصر واكتفي المسئولون فيها بالرحلات الخاصة والهدايا الشخصية والصفقات المشبوهة وكان كل مسئول يزور هذه الدول يوقع عقود شركاته وشركات ابنائه ولايحمل منها للمصريين شيئا.
< غاب دور الثقافة المصرية والاعلام المصري عن المواطن العربي.. باعت مصر كل تراثها السينمائي والغنائي للفضائيات العربية الوليدة.. وتم نهب تراثها التاريخي من الوثائق والمخطوطات النادرة.. حتي اللوحات الفنية العالمية كانت تسرق في عز النهار كما حدث مع زهرة الخشخاش.. وتراجع الغناء المصري وتحول المطربون المصريون للغناء الخليجي.. وقدمت السينما المصرية أسوأ اعمالها من سينما المقاولات الي المخدرات الي الجنس.. وتحولت الثقافة المصرية في ظل ثقافة السوق الي بوتيكات للانتاج الثقافي, وسيطرت الحظيرة الثقافية علي العقل المصري فانتشر التطرف الديني في كل ربوع مصر والمسئولين عن الثقافة هائمون في مهرجانات الرقص والصخب المجنون.
كان تراجع الدور الثقافي المصري في العالم العربي من اكبر الخسائر التي لحقت بالثقافة المصرية.. ولم يكن غريبا امام هذا الغياب ان تتراجع اللغة العربية ليس في مصر وحدها, ولكن في العالم العربي كله امام غياب الدور المصري وان تسيطر الجامعات والمدارس الاجنبية علي برامج التعليم, وان تصبح الثقافات الوافدة في التعليم والفنون واللغات هي المصدر الاول في الدول العربية امام غياب الدور المصري صاحب النفوذ والريادة..
وامام الثورة الاعلامية في العالم العربي لم تستطع مصر الصمود امام المنافسة الضارية ورؤوس الاموال الضخمة. كنا نتحدث عن الريادة الاعلامية وحولنا تدور معارك ضخمة في الانتاج والتوزيع والالحاح بالغناء والمسلسلات والبرامج, ووجدنا انفسنا ذات يوم في معركة عنيفة مع قناة وليدة تسمي الجزيرة استطاعت ان تقتحم كل حسابات تكنولوجيا الاعلام المعاصر..
< غاب دور الانسان المصري في العالم العربي بفكره وثقافته ووعيه.. وكان دائما اهلا للتكريم والترحيب والاشادة لم يعد المدرس كما كان من حيث الأثر والمكانه.. ولم يعد الطبيب هو نفس الطبيب ولا عالم الدين هو نفس العالم وللاسف الشديد ان من ذهبوا في رحلات عمل عادوا بأفكار واشكال وعقول اختلفت تماما عن النسيج المصري القديم الرائع في فكره المبدع وتدينه السليم ومفاهيمه الراقية..
سقطت بين ايدينا ثمار كثيرة مرة طوال السنوات العجاف.. كانت اسفار المسئولين صفقات خاصة.. وكانت مواكب المغامرين تسبق اصحاب الفكر والابداع والرؤي..
ان مايؤكد ان حسابات القرار في مصر كانت خاطئة ومغرضة ماحدث في الشهور الاخيرة ومنذ قيام ثورة25 يناير.. ويبدو انه كان من الضروري ان تحدث الثورة حتي تعود مصر الي شعبها وامتها العربية.. كان الغياب طويلا.. وكان الثمن فادحا.
لقد تغيرت تماما مشاعر الاشقاء العرب تجاه مصر بعد الثورة وصاحوا معنا في وقت واحد لقد عادت لنا مصر التي نعرفها.. عشرات المصريين في الدول العربية يبعثون الآن برسائلهم الينا يتحدثون عن فرحة الشعوب العربية بثورة الشعب المصري.. لقد عادت مصر الي مكانتها في قلوب الاشقاء العرب عادت بشموخها وتاريخها وصورتها الحقيقية في الوجدان العربي.
لقد شهدت القاهرة في السنوات الماضية عشرات المؤتمرات واللقاءات والمناورات بين فتح وحماس ولم تصل الي شيء.. وفي ساعات قليلة جمعت القاهرة شمل الاشقاء لتتم المصالحة مع ثورة يناير العظيمة.. لقد قدمت مصر للقضية الفلسطينية كل الدعم حربا وسلاما.. وكانت القاهرة هي الملاذ الآمن لكل قيادات الشعب الفلسطيني ابتداء بياسر عرفات والشيخ احمد ياسين.. وفي ساعات قليلة تم الاتفاق بين حماس وفتح لتبدا مصر دورا حقيقيا في تحقيق سلام عادل يعيد للشعب الفلسطيني حقه في حياة كريمة ووطن آمن..
كانت معركة الوفاق الفلسطيني واحدة من ثمار ثورة25 يناير والنهج الواعي الذي اتخذه المجلس العسكري والخارجية المصرية وجهاز الامن القومي, ونحن علي أعتاب مرحلة جديدة لاستعادة الدور السياسي المصري.
لقد ثارت شكوك كثيرة حول موقف دول الخليج العربي من الثورة المصرية ورغم ان قيادات هذه الدول اكدت احترامها وتقديرها لارادة الشعب المصري الا ان هناك من يحاول إثارة الفتنة.. ان الشيء المؤكد ان دول الخليج العربي, وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية تضع الشعب المصري دائما في كل حساباتها.. حدث هذا رغم الخلاف مع ثورة يوليو وانعكس بصورة واضحة في موقف الراحل الكبير الملك فيصل في مؤتمر الخرطوم والدعم العربي لمصر بعد نكسة67, واتضح ايضا بعد اتفاق كامب ديفيد مع اسرائيل ولاشك ان الثورة المصرية لاتهدد احدآ لان لكل وطن ظروفه ولكل شعب ثوابته واهل مكة أدري بشعابها.
لقد تساءل المصريون كثيرا عن اسباب توقف مشروع انشاء الجسر البري بين مصر والسعودية عند مضيق تيران والعقبة, وقد تم وضع خطة انشاء هذا الجسر منذ14 عاما, وكان المفروض ان يتم انشاؤه في ثلاث سنوات بتكاليف تبلغ ثلاثة مليارات دولار بطول23 كيلومتر.. لااحد حتي الان يعلم لماذا توقف هذا المشروع فجأة وهل كان الرفض الاسرائيلي هو السبب!
ولاشك ان الدول العربية يهمها في الدرجة الاولي استقرار مصر وامنها ورخاءها.. وقد كانت رحلة رئيس الوزراء د.عصام شرف بداية طيبة مع دول الخليج التي زارها.
هناك ملفات اخري دخلت الي دائرة الاهتمام في القرار المصري بعد ثورة25 يناير.. كان في مقدمة هذه الملفات الموقف مع السودان, ولاشك ان زيارة وفد مصري رفيع للخرطوم برئاسة رئيس الوزراء في الاسابيع الماضية قد اعاد الكثير من الدفء للعلاقات المصرية السودانية, كان ملف السودان من الملفات التي اهملناها زمنا طويلا والآن يعود السودان الي موقعه الاصيل في دائرة القرار المصري..
كانت زيارة الوفد الشعبي المصري الي اوغندا انجازا كبيرا علي المستوي السياسي والشعبي.. وهناك زيارة اخري تمت منذ ايام لوفد آخر سافر الي اثيوبيا ليعيد جسور التواصل مع دول حوض النيل.. وعندما حدثت موقعة الزمالك مع الفريق التونسي في القاهرة سافر وفد شعبي مصري الي تونس ليقدم الاعتذار, وهنا يتضح لنا الفرق في سلطة القرار بين ماحدث في فضيحة الجزائر والاعتذار للشعب التونسي الشقيق.
كان رفض المعونة الامريكية المشروطة موقفا كريما يليق بمصر الشعب والقرار, وعلينا ان ننتبه من الآن للمنح الوافدة للمجتمع المدني من الخارج لان وراءها اغراضا كثيرة مشبوهة.
في شهور قليلة ومن خلال رؤي وحسابات جديدة اختلفت مواقف الادارة المصرية في ظل الاهداف والمصالح التي تؤكد دور مصر.. كانت هناك مجموعة دوائر تكمل بعضها من خلال سياسات جديدة.. ان المجلس العسكري يضع الاهداف ويترك لمؤسسات الدولة والحكومة ان تمارس حقها في اتخاذ القرار المناسب.. وقد اضاف المجلس بوعي شديد دائرة جديدة للقرار المصري وهي المشاركة والدور الشعبي وقد كان دورا مهملا ومعزولا عن كل مايجري ومايدور..
ايقاع مختلف في معالجة موقف مصر من الاشقاء في حماس وفتح لأن مصر الثورة تسعي الي الوفاق ولان وحدة الفلسطينيين تعطي الجانب الفلسطيني مصادر قوة جديدة في مفاوضات السلام اذا كانت اسرائيل تسعي بالفعل الي سلام عادل مع الفلسطينيين..
ايقاع مختلف في قضية مياه النيل حيث شهدت لأول مرة دخول الجانب الشعبي الوطني في حوار حول هذه القضايا مع دول حوض النيل.
حراك رسمي غير مسبوق في قضايا تهم الامن القومي المصري شاركت فيها لأول مرة القوي الشعبية في محاور ثلاثة: قضية المصالحة في غزة علي حدود سيناء مع اسرائيل.. وقضية العمق الاستراتيجي لمصر في السودان الشقيق.. وقضية مياه النيل في الجنوب خاصة بعد استقلال دولة الجنوب وظهور واقع سياسي جديد.. ثم امن الخليج العربي وعلاقات تاريخية ممتدة بين الشعب المصري وأمته العربية بعد غياب طويل.
هناك فكرجديد يحكم القرار المصري بعد الثورة..
.. ويبقي الشعر
في أي شيء أمام الله قد عدلوا
تاريخنا القتل.. والإرهاب.. والدجل
من ألف عام أري الجلاد يتبعنا
في موكب القهرضاع الحلم.. والأجل
نبكي علي أمة ماتت عزائمها
وفوق أشلائها.. تساقط العلل
هل ينفع الدمع بعد اليوم في وطن
من حرقة الدمع ما عادت له مقل
في جرحنا الملح هل يشفي لنا بدن
وكيف بالملح جرح المرء يندمل
أرض توارت وأمجاد لنا أندثرت
وأنجم عن سماء العمر ترتحل
ما زال في القلب يدمي جرح قرطبة
ومسجد في كهوف الصمت يبتهل
فكم بكينا علي أطلال قرطبة
وقدسنا لم تزل في العار تغتسل
في القدس تبكي أمام الله مئذنة
ونهر دمع علي المحراب ينهمل
وكعبة تشتكي لله غربتها
وتنزف الدمع في أعتاب من رحلوا
كانوا رجالا وكانوا للوري قبسا
وجذوة من ضمير الحق.. تشتعل
لم يبق شيء لنا من بعد ما غربت
شمس الرجال.. تساوي اللص والبطل
لم يبق شيء لنا من بعد ما سقطت
كل القلاع.. تساوي السفح والجبل
من قصيدة مرثية.. ماقبل الغروب سنة1997
رد: هوامش حرة ـ فاروق جويدة
قبل كل شيء.. مصر أولا
بقلم: فاروق جويدة
بقلم: فاروق جويدة
[b]
[right]ما بين الضغط الإعلامي المكثف وقضايا الحبس والإفراج والمحاكمات يقف الشارع المصري الآن في حالة ارتباك شديدة
وإذا كانت المظاهرات تهدأ أحيانا ثم تشتعل مرة أخري فإن حالة الغليان داخل كل بيت وبين أفرد كل أسرة تتجاوز في حرارتها ما كان يحدث طوال أيام الثورة منذ شهور مضت..
الشارع المصري حائر الآن بين أكثر من جهة حيث تدور التحقيقات مع رموز النظام السابق.. والحيرة الأكبر أن هناك تناقضات كثيرة بين أجهزة الدولة تنعكس علي حركة هذا الشارع وتلقي به هنا أو هناك خاصة أنه يقف في حالة سؤال دائم عن مستقبل ثورة25 يناير وأمام كل هذه المتغيرات.. تبدو الآن أمامنا تساؤلات كثيرة..
< لا نستطيع حتي الآن أن ندعي أن التحقيقات الجارية مع رؤوس ورموز النظام السابق قد وصلت إلي شيء أمام التضارب الشديد بين جهات التحقيق والتعارض في إصدار قرارات الحبس أو الإفراج أو العفو أو الإدانة.. نحن أمام أكثر من جهة في التحقيقات وجميعها تتعرض لضغوط شديدة داخلية وخارجية.. نحن أمام النائب العام وتقع عليه أعباء ومسئوليات ضخمة وأمام المحاكم الجنائية.. وأمام جهاز الكسب غير المشروع وهناك محاكمات عسكرية أمام القضاء العسكري وهناك أيضا قضاة التحقيق الذين تقررهم وتختارهم وزارة العدل.. ثم هناك لجنة كان من المفروض أن تسافر إلي الخارج لكي تبحث مصير ومستقبل أموال مصر الهاربة في حسابات رموز النظام السابق.. فلا اللجنة سافرت ولا المحاكمات انتهت ولا شهداء الثورة استراحوا في قبورهم..
لكل جهة من هذه الجهات ملفاتها وقضاياها ورغم مرور أكثر من مائة يوم علي قيام الثورةa إلا أن النتائج التي تحققت لا تتناسب مع ضخامة الجرائم وإصرار الشارع علي استكمال المحاكمات وهنا دخلت جهات التحقيق في أزمة مع بعضها.. وربما مع الجهات المسئولة لتجد نفسها في النهاية في مواجهة مع الشعب لا أحد يعرف مداها.. وقبل هذا كله هناك أزمة حادة مع الشارع المصري ربما لبطء في الإجراءات أو أحساس عام بعدم الجدية أو نتائج لن يستريح لها المواطن المصري..
في وسط هذه الأجواء تبدو صورة الشارع المصري في حالة من الفوضي والارتباك بحيث انها تمثل تهديدا خطيرا للثورة نفسها بل انها تحمل مخاطر كثيرة لمستقبل هذا الوطن..
< حاولت أطراف كثيرة أن تنسب الثورة لنفسها بالحق والباطل رغم أن أعظم ما كان في هذه الثورة أنها ابنة الملايين من الشعب المصري بشبابه وشيوخه ونسائه وحتي أطفاله الصغار لأن من بين الشهداء أطفالا في عمر الزهور ماتوا وهم يحملون علم مصر.. كانت محاولات اختطاف الثورة أول التجاوزات لأن الجميع كان شريكا فيها: الشعب والجيش والبسطاء وسكان العشوائيات وخريجو الجامعات المصرية والأجنبية..
< أفرجت الثورة من خلال مجلسها العسكري عن المعتقلين السياسيين في السجون المصرية وكانت أعدادهم بالالاف.. وخرج هؤلاء يحملون مرارة القهر والاستبداد وليالي البطش الطويلة.. وكنا نتصور أن ترفرف في أيادي هؤلاء أعلام الحرية ويأخذون مكانهم في مسيرة البناء لمصر المستقبل ولكن للأسف الشديد وجدنا بعض هؤلاء وقد عادوا إلي الساحة يحملون معهم أمراض التشدد والتعصب وتصفية الحسابات والرغبة في الانتقام متناسين حالة مصر الوطن الذي يمر بفترة نقاهة ويحتاج منا أن نقف معه ونسانده لا أن نلقي عليه المزيد من الأحمال..
لم يكن من الحكمة أن نشهد مظاهرة تحمل اسم الإسلام أمام مقر البابا شنودة في العباسية.. ولم يكن من العقل أن يقتل15 مواطنا مصريا من أجل فتاة أسلمت في كارثة امبابه ولم يكن من الحكمة أن تقتحم مظاهرة من الاخوة الأقباط مبني التليفزيون وتحطم أبوابه.. ولم يكن من العقل أن يتبادل المتظاهرون رمي الحجارة وإطلاق الرصاص في ماسبيرو وأن يسقط مئات المصابين أمام مبني السفارة الإسرائيلية.. كل هذه المواقف تتعارض تماما مع أبسط مطالب الحرص والخوف علي هذا الوطن وإذا كان البعض يطالب بالحرية والديمقراطية فنحن نبدأ الدرس الأول في ظل أخطاء تهدد كل ما يتعلق بالحرية ان مسئولية حماية هذه الثورة تقع علينا جميعا كشعب وليست فقط مسئولية الجيش والمجلس العسكري..
< كان الاخوان المسلمون من أكثر التيارات التي شاركت بقوة في نجاح ثورة25 يناير وكان شهداؤها في مقدمة الصفوف.. واستطاعت الجماعة أن تلم فصائلها وتجمع صفوفها وتعلن تشكيل حزب سياسي لتؤكد أنها ستخوض الانتخابات التشريعية مشاركة بنسبة50% في الدوائر الانتخابية.. وفي الأيام الأخيرة عقد الامام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر اجتماعا مع د.محمد بديع المرشد العام للاخوان المسلمين.. كان الواضح أن جماعة الاخوان تحاول ترتيب البيت الأصغر من الداخل ولكن يبدو أن إغراءات السياسة والثورة وفوضي الشارع جعلتها تفضل ترتيب البيت الأصغر علي ما يجري في البيت الأكبر.. كان ينبغي أن يكون للأخوان المسلمين دور أكبر في أحداث الفتنة الطائفية لأنهم بكل المقاييس يمثلون الحشد الأكبر للتيار الإسلامي في مصر.. كنت اتصور أن يكون لهم مواقف أكثر حسما وتأثيرا فيما يجري من صراعات دينية بين السلفيين والأصوليين والصوفية والتجمعات الإسلامية الأخري.. إننا نعلم الدور الذي قام به مكتب الإرشاد في اتفاق المصالحة بين حماس وفتح وعودة الوفاق إلي الصف الفلسطيني.. وهذا إنجاز عظيم للثورة المصرية.. ومجلسها العسكري ووزير خارجيتها نبيل العربي وجهاز الأمن القومي.. وإذا كانت مصر الثورة والظروف والأزمات تحتاج جهودنا جميعا فأنا لا أجد مبررا لأن نترك البيت وفيه كل هذه الحرائق ليذهب وفد اخواني إلي بيروت.. كان الأولي أن نفض اعتصامات ماسبيرو وأزمات امبابة ومظاهرات السلفيين أمام مقر البابا في العباسية.. لأن الشارع المصري الآن يحتاج إلي جهودنا جميعا في هذه اللحظة الحاسمة في تاريخ الوطن..
< كنت ومازلت من معارضي كامب ديفيد والسلام مع إسرائيل منذ السبعينيات وحتي الآن.. ومازلت اعتقد أن إسرائيل تراهن علي الزمن ولا تراهن علي السلام.. ولكن رغم موقفي الواضح من اتفاقية السلام إلا أني لا أتصور أنه من الحكمة أو العقل أن تتجه مظاهرة مليونية يطالب بها البعض إلي سيناء والحدود المصرية مع إسرائيل.. مثل هذه الدعوة الغريبة يمكن أن تفتح أبوابا ومشاكل وأزمات ليس هذا وقتها علي الإطلاق.. إن هناك معاهدة سلام مع إسرائيل والمجلس العسكري أعلن منذ البداية أن مصر تحترم كل معاهداتها والتزاماتها الدولية وهنا لا ينبغي أن تكون هناك دعوات أو مواقف قد تضر بمصالحنا القومية والأمنية والاستراتيجية في هذا الوقت..
هناك هواجس كثيرة وحالة انزعاج شديدة لدي الإسرائيليين منذ قيام الثورة وقد تأكدت لإسرائيل بعض هذه الهواجس مع المصالحة التي شهدتها القاهرة بين فتح وحماس بعد فرقة دامت أربع سنوات.. فهل من الحكمة أن يطالب البعض بمظاهرة مليونية في سيناء.. إذا كنا بالفعل نطالب ونؤيد هذه المظاهرة فلنجعل منها غزوا حضاريا زراعيا بحيث تذهب الملايين لزراعة أرض سيناء والحياة فيها.. ليتنا نحول هذه المظاهرة المليونية إلي رحلة بناء واستثمار لأراضينا الخالية..
لنا أن نتصور أن سيناء التي يسكنها360 ألف مواطن سوف تجد بين ربوعها ثلاثة ملايين شاب يزرعون أرضها خاصة أن ترعة السلام التي حملت مياه النيل إلي سيناء مازالت تبحث عن أرض ترويها.. من حق الجماهير أن تغني للقدس وقد غنينا لها زمنا طويلا ومن واجبنا أن نساند أشقاءنا في غزة ولكن الأوطان لا تعيدها المظاهرات والشعوب لا تحررها الشعارات ويجب أن نكون علي وعي كامل بظروفنا ومشاكلنا في هذه اللحظة الحرجة من تاريخنا..
< أمام شعب يعاني فيه أكثر من20 مليون مواطن من الأمية حيث لا يقرأون ولا يكتبون ينبغي أن يكون للكلام حسابات خاصة تتناسب مع درجة الوعي.. وحين يتحدث البعض عن الخلافة الإسلامية وخليفة المسلمين من عاصمة الخلافة كما حدث في مليونية يوم الجمعة الماضي في ميدان التحرير.. فهذه أفكار غريبة لا ينبغي أن نثير بها عقول شباب لم تكتمل رؤاه..
هذا كلام يدغدغ مشاعر البسطاء ويخاطب عقولا لا تستطيع أن تستوعب كل هذه الشعارات مظاهرات لتحرير القدس وأخري لاقتحام سيناء.. وثالثة لإقامة الخلافة الإسلامية.. وإعلان خليفة المسلمين.. كل هذه الدعوات أمام ثورة وليدة لم يستطع شعبها حتي الآن أن يوفر لها كل مظاهر الأمن والحماية أمام قوي داخلية من النظام السابق مازالت تتربص بها.. وأمام قوي خارجية مازالت تنتظر لحظة الانقضاض عليها وقبل هذا كله هناك شعب يريد الأمن والحياة الكريمة والمستقبل الذي يتمناه..
< لا أدري أين ما بقي من النخبة المصرية في هذه اللحظة التاريخية لقد غابوا قبل الثورة وغابوا أثناء الثورة وهاهم يغيبون والثورة تواجه تحديات ضخمة.. أين النخبة من أهل الفكر والثقافة ولماذا انسحبوا وابتعدوا عن الساحة رغم أن وجودهم اليوم يعني الكثير..
أيا كانت التيارات والرؤي الفكرية والسياسية التي تحتشد الآن في مصر الثورة وأمامها فراغ فسيح فإن كل ما نرجوه منها أن تكون مصرية الهوي وطنية الغايات وألا تحركها أياد خفية سواء كانت هذه الرؤي تعكس فكرا دينيا أو فكرا ليبراليا أو تجمع النقيضين..
إن أخشي ما أخشاه هذا العدد الرهيب من الأجندات الخارجية التي تعبث في أمن مصر الآن سواء كانت غربية أو عربية أو إسرائيلية أو بقايا نظام رحل.. كان موقفا غريبا أن يحاول عدد من الشباب اقتحام السفارة الإسرائيلية ولا يفضون مظاهرتهم ألا بعد أن تدخلت الشرطة..
وكان غريبا أيضا الا يفض شباب الأقباط مظاهرتهم أمام مبني التليفزيون في ماسبيرو رغم بيان قداسة البابا وإصراره علي إخلاء المكان..
< إذا كان المطلوب من الشارع المصري أن يهدأ وأن يعود المواطنون إلي أعمالهم وتعود الحياة إلي طبيعتها لنتجه جميعا إلي المستقبل فإن المطلوب من الحكومة والمجلس العسكري ومؤسسات الدولة البدء في تصفية آثار الماضي بقدر أكبر من الحسم والجدية والالتزام بما وعدوا به هذا الشعب من حيث الشفافية والحرص علي مصالحة.. يجب أن يكون التنسيق بين أجهزة العدالة أكثر سرعة وحسما وأن تتجاوز كل جوانب الخلاف أو الاختلاف لكي يكون هدفها إعادة حقوق هذا الشعب وأمواله المنهوبة..
لاشك أن أحوالنا الداخلية هي الأولي والأحق الآن بكل جهودنا هناك ملفات خارجية كثيرة سوف يجيء وقتها ولكن بعد أن تتجاوز الثورة ما تواجه من عقبات وتحديات ومصاعب وفي مقدمتها محاكمات عادلة للنظام السابق ورموزه الفاسدة..
وإذا كانت المظاهرات تهدأ أحيانا ثم تشتعل مرة أخري فإن حالة الغليان داخل كل بيت وبين أفرد كل أسرة تتجاوز في حرارتها ما كان يحدث طوال أيام الثورة منذ شهور مضت..
الشارع المصري حائر الآن بين أكثر من جهة حيث تدور التحقيقات مع رموز النظام السابق.. والحيرة الأكبر أن هناك تناقضات كثيرة بين أجهزة الدولة تنعكس علي حركة هذا الشارع وتلقي به هنا أو هناك خاصة أنه يقف في حالة سؤال دائم عن مستقبل ثورة25 يناير وأمام كل هذه المتغيرات.. تبدو الآن أمامنا تساؤلات كثيرة..
< لا نستطيع حتي الآن أن ندعي أن التحقيقات الجارية مع رؤوس ورموز النظام السابق قد وصلت إلي شيء أمام التضارب الشديد بين جهات التحقيق والتعارض في إصدار قرارات الحبس أو الإفراج أو العفو أو الإدانة.. نحن أمام أكثر من جهة في التحقيقات وجميعها تتعرض لضغوط شديدة داخلية وخارجية.. نحن أمام النائب العام وتقع عليه أعباء ومسئوليات ضخمة وأمام المحاكم الجنائية.. وأمام جهاز الكسب غير المشروع وهناك محاكمات عسكرية أمام القضاء العسكري وهناك أيضا قضاة التحقيق الذين تقررهم وتختارهم وزارة العدل.. ثم هناك لجنة كان من المفروض أن تسافر إلي الخارج لكي تبحث مصير ومستقبل أموال مصر الهاربة في حسابات رموز النظام السابق.. فلا اللجنة سافرت ولا المحاكمات انتهت ولا شهداء الثورة استراحوا في قبورهم..
لكل جهة من هذه الجهات ملفاتها وقضاياها ورغم مرور أكثر من مائة يوم علي قيام الثورةa إلا أن النتائج التي تحققت لا تتناسب مع ضخامة الجرائم وإصرار الشارع علي استكمال المحاكمات وهنا دخلت جهات التحقيق في أزمة مع بعضها.. وربما مع الجهات المسئولة لتجد نفسها في النهاية في مواجهة مع الشعب لا أحد يعرف مداها.. وقبل هذا كله هناك أزمة حادة مع الشارع المصري ربما لبطء في الإجراءات أو أحساس عام بعدم الجدية أو نتائج لن يستريح لها المواطن المصري..
في وسط هذه الأجواء تبدو صورة الشارع المصري في حالة من الفوضي والارتباك بحيث انها تمثل تهديدا خطيرا للثورة نفسها بل انها تحمل مخاطر كثيرة لمستقبل هذا الوطن..
< حاولت أطراف كثيرة أن تنسب الثورة لنفسها بالحق والباطل رغم أن أعظم ما كان في هذه الثورة أنها ابنة الملايين من الشعب المصري بشبابه وشيوخه ونسائه وحتي أطفاله الصغار لأن من بين الشهداء أطفالا في عمر الزهور ماتوا وهم يحملون علم مصر.. كانت محاولات اختطاف الثورة أول التجاوزات لأن الجميع كان شريكا فيها: الشعب والجيش والبسطاء وسكان العشوائيات وخريجو الجامعات المصرية والأجنبية..
< أفرجت الثورة من خلال مجلسها العسكري عن المعتقلين السياسيين في السجون المصرية وكانت أعدادهم بالالاف.. وخرج هؤلاء يحملون مرارة القهر والاستبداد وليالي البطش الطويلة.. وكنا نتصور أن ترفرف في أيادي هؤلاء أعلام الحرية ويأخذون مكانهم في مسيرة البناء لمصر المستقبل ولكن للأسف الشديد وجدنا بعض هؤلاء وقد عادوا إلي الساحة يحملون معهم أمراض التشدد والتعصب وتصفية الحسابات والرغبة في الانتقام متناسين حالة مصر الوطن الذي يمر بفترة نقاهة ويحتاج منا أن نقف معه ونسانده لا أن نلقي عليه المزيد من الأحمال..
لم يكن من الحكمة أن نشهد مظاهرة تحمل اسم الإسلام أمام مقر البابا شنودة في العباسية.. ولم يكن من العقل أن يقتل15 مواطنا مصريا من أجل فتاة أسلمت في كارثة امبابه ولم يكن من الحكمة أن تقتحم مظاهرة من الاخوة الأقباط مبني التليفزيون وتحطم أبوابه.. ولم يكن من العقل أن يتبادل المتظاهرون رمي الحجارة وإطلاق الرصاص في ماسبيرو وأن يسقط مئات المصابين أمام مبني السفارة الإسرائيلية.. كل هذه المواقف تتعارض تماما مع أبسط مطالب الحرص والخوف علي هذا الوطن وإذا كان البعض يطالب بالحرية والديمقراطية فنحن نبدأ الدرس الأول في ظل أخطاء تهدد كل ما يتعلق بالحرية ان مسئولية حماية هذه الثورة تقع علينا جميعا كشعب وليست فقط مسئولية الجيش والمجلس العسكري..
< كان الاخوان المسلمون من أكثر التيارات التي شاركت بقوة في نجاح ثورة25 يناير وكان شهداؤها في مقدمة الصفوف.. واستطاعت الجماعة أن تلم فصائلها وتجمع صفوفها وتعلن تشكيل حزب سياسي لتؤكد أنها ستخوض الانتخابات التشريعية مشاركة بنسبة50% في الدوائر الانتخابية.. وفي الأيام الأخيرة عقد الامام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر اجتماعا مع د.محمد بديع المرشد العام للاخوان المسلمين.. كان الواضح أن جماعة الاخوان تحاول ترتيب البيت الأصغر من الداخل ولكن يبدو أن إغراءات السياسة والثورة وفوضي الشارع جعلتها تفضل ترتيب البيت الأصغر علي ما يجري في البيت الأكبر.. كان ينبغي أن يكون للأخوان المسلمين دور أكبر في أحداث الفتنة الطائفية لأنهم بكل المقاييس يمثلون الحشد الأكبر للتيار الإسلامي في مصر.. كنت اتصور أن يكون لهم مواقف أكثر حسما وتأثيرا فيما يجري من صراعات دينية بين السلفيين والأصوليين والصوفية والتجمعات الإسلامية الأخري.. إننا نعلم الدور الذي قام به مكتب الإرشاد في اتفاق المصالحة بين حماس وفتح وعودة الوفاق إلي الصف الفلسطيني.. وهذا إنجاز عظيم للثورة المصرية.. ومجلسها العسكري ووزير خارجيتها نبيل العربي وجهاز الأمن القومي.. وإذا كانت مصر الثورة والظروف والأزمات تحتاج جهودنا جميعا فأنا لا أجد مبررا لأن نترك البيت وفيه كل هذه الحرائق ليذهب وفد اخواني إلي بيروت.. كان الأولي أن نفض اعتصامات ماسبيرو وأزمات امبابة ومظاهرات السلفيين أمام مقر البابا في العباسية.. لأن الشارع المصري الآن يحتاج إلي جهودنا جميعا في هذه اللحظة الحاسمة في تاريخ الوطن..
< كنت ومازلت من معارضي كامب ديفيد والسلام مع إسرائيل منذ السبعينيات وحتي الآن.. ومازلت اعتقد أن إسرائيل تراهن علي الزمن ولا تراهن علي السلام.. ولكن رغم موقفي الواضح من اتفاقية السلام إلا أني لا أتصور أنه من الحكمة أو العقل أن تتجه مظاهرة مليونية يطالب بها البعض إلي سيناء والحدود المصرية مع إسرائيل.. مثل هذه الدعوة الغريبة يمكن أن تفتح أبوابا ومشاكل وأزمات ليس هذا وقتها علي الإطلاق.. إن هناك معاهدة سلام مع إسرائيل والمجلس العسكري أعلن منذ البداية أن مصر تحترم كل معاهداتها والتزاماتها الدولية وهنا لا ينبغي أن تكون هناك دعوات أو مواقف قد تضر بمصالحنا القومية والأمنية والاستراتيجية في هذا الوقت..
هناك هواجس كثيرة وحالة انزعاج شديدة لدي الإسرائيليين منذ قيام الثورة وقد تأكدت لإسرائيل بعض هذه الهواجس مع المصالحة التي شهدتها القاهرة بين فتح وحماس بعد فرقة دامت أربع سنوات.. فهل من الحكمة أن يطالب البعض بمظاهرة مليونية في سيناء.. إذا كنا بالفعل نطالب ونؤيد هذه المظاهرة فلنجعل منها غزوا حضاريا زراعيا بحيث تذهب الملايين لزراعة أرض سيناء والحياة فيها.. ليتنا نحول هذه المظاهرة المليونية إلي رحلة بناء واستثمار لأراضينا الخالية..
لنا أن نتصور أن سيناء التي يسكنها360 ألف مواطن سوف تجد بين ربوعها ثلاثة ملايين شاب يزرعون أرضها خاصة أن ترعة السلام التي حملت مياه النيل إلي سيناء مازالت تبحث عن أرض ترويها.. من حق الجماهير أن تغني للقدس وقد غنينا لها زمنا طويلا ومن واجبنا أن نساند أشقاءنا في غزة ولكن الأوطان لا تعيدها المظاهرات والشعوب لا تحررها الشعارات ويجب أن نكون علي وعي كامل بظروفنا ومشاكلنا في هذه اللحظة الحرجة من تاريخنا..
< أمام شعب يعاني فيه أكثر من20 مليون مواطن من الأمية حيث لا يقرأون ولا يكتبون ينبغي أن يكون للكلام حسابات خاصة تتناسب مع درجة الوعي.. وحين يتحدث البعض عن الخلافة الإسلامية وخليفة المسلمين من عاصمة الخلافة كما حدث في مليونية يوم الجمعة الماضي في ميدان التحرير.. فهذه أفكار غريبة لا ينبغي أن نثير بها عقول شباب لم تكتمل رؤاه..
هذا كلام يدغدغ مشاعر البسطاء ويخاطب عقولا لا تستطيع أن تستوعب كل هذه الشعارات مظاهرات لتحرير القدس وأخري لاقتحام سيناء.. وثالثة لإقامة الخلافة الإسلامية.. وإعلان خليفة المسلمين.. كل هذه الدعوات أمام ثورة وليدة لم يستطع شعبها حتي الآن أن يوفر لها كل مظاهر الأمن والحماية أمام قوي داخلية من النظام السابق مازالت تتربص بها.. وأمام قوي خارجية مازالت تنتظر لحظة الانقضاض عليها وقبل هذا كله هناك شعب يريد الأمن والحياة الكريمة والمستقبل الذي يتمناه..
< لا أدري أين ما بقي من النخبة المصرية في هذه اللحظة التاريخية لقد غابوا قبل الثورة وغابوا أثناء الثورة وهاهم يغيبون والثورة تواجه تحديات ضخمة.. أين النخبة من أهل الفكر والثقافة ولماذا انسحبوا وابتعدوا عن الساحة رغم أن وجودهم اليوم يعني الكثير..
أيا كانت التيارات والرؤي الفكرية والسياسية التي تحتشد الآن في مصر الثورة وأمامها فراغ فسيح فإن كل ما نرجوه منها أن تكون مصرية الهوي وطنية الغايات وألا تحركها أياد خفية سواء كانت هذه الرؤي تعكس فكرا دينيا أو فكرا ليبراليا أو تجمع النقيضين..
إن أخشي ما أخشاه هذا العدد الرهيب من الأجندات الخارجية التي تعبث في أمن مصر الآن سواء كانت غربية أو عربية أو إسرائيلية أو بقايا نظام رحل.. كان موقفا غريبا أن يحاول عدد من الشباب اقتحام السفارة الإسرائيلية ولا يفضون مظاهرتهم ألا بعد أن تدخلت الشرطة..
وكان غريبا أيضا الا يفض شباب الأقباط مظاهرتهم أمام مبني التليفزيون في ماسبيرو رغم بيان قداسة البابا وإصراره علي إخلاء المكان..
< إذا كان المطلوب من الشارع المصري أن يهدأ وأن يعود المواطنون إلي أعمالهم وتعود الحياة إلي طبيعتها لنتجه جميعا إلي المستقبل فإن المطلوب من الحكومة والمجلس العسكري ومؤسسات الدولة البدء في تصفية آثار الماضي بقدر أكبر من الحسم والجدية والالتزام بما وعدوا به هذا الشعب من حيث الشفافية والحرص علي مصالحة.. يجب أن يكون التنسيق بين أجهزة العدالة أكثر سرعة وحسما وأن تتجاوز كل جوانب الخلاف أو الاختلاف لكي يكون هدفها إعادة حقوق هذا الشعب وأمواله المنهوبة..
لاشك أن أحوالنا الداخلية هي الأولي والأحق الآن بكل جهودنا هناك ملفات خارجية كثيرة سوف يجيء وقتها ولكن بعد أن تتجاوز الثورة ما تواجه من عقبات وتحديات ومصاعب وفي مقدمتها محاكمات عادلة للنظام السابق ورموزه الفاسدة..
.. ويبقي الشعر
من قصيدة هذا عتاب الحب للأحباب سنة2009
لا تغضبـي من ثـورتي.. وعتــابـــي
مازال حبــــك محنتي وعــــــــذابي
مازالت في العين الحزينــــة قبلـــــة
للعاشقين بسحـــرك الخـــــــــــلاب
أحببت فيك العمر طفــــلا باسمــــا
جاء الحيــاة بأطهـر الأثـــــــــواب
أحببت فيك الليل حيــــن يضمنـــــــا
دفء القلــوب.. ورفـقــة الأصحاب
أحببت فيـك الأم تـسكـــن طفلهــــــا
مهما نأي.. تلقــاه بالتـــــرحـــــاب
أحببت فيك الشمس تغسل شعــــرها
عنـد الغروب بدمعها المنـســــــاب
أحببت فيك النيل يجــري صاخبــــا
فـيهيم روض.. في عنـــــاق رواب
أحببت فيك شموخ نهــر جامـــــــح
كم كان يسكرنــي بــغيـر شــــراب
أحببت فيك النيل يسجــد خاشعــــــا
لله ربــــــــا دون أي حســــــــاب
أحببت فيك صلاة شعــب مؤمــــن
رسم الوجـود علي هدي محـــراب
أحببت فيك زمان مجـــد غابـــــــــر
ضيـعتـــه سفهـــــا علي الأذنــــاب
أحببت في الشرفـــاء عهدا باقيــــــا
وكرهـت كل مقـــــامر كـــــــذاب
إني أحبــــك رغــــــم أني عاشــــق
سئم الطواف.. وضـاق بالأعـتـاب
كم طاف قلبي في رحابــــك خاشعا
لم تعرفي الأنـقـي.. من النـصـــاب
أسرفت في حبــــي.. وأنت بخيلـــــة
ضيعت عمري.. واستـبحت شبابي
شاخت علي عينيك أحلام الصبـــــا
وتناثرت دمعـــا علي الأهــــــــداب
من كان أولـي بالوفاء ؟!.. عصابة
نهبتك بالتدليـــــس.. والإرهـــــاب ؟
أم قلب طفـل ذاب فيــــك صبابـــــة
ورميته لحمـــا علي الأبــــــــواب ؟!
عمر من الأحزان يمـرح بيننــــــــا..
شبح يطوف بوجهـــه المرتــــــــاب
لا النيل نيلـك.. لا الضفاف ضفافه
حتي نخيلـك تاه في الأعشـــــــاب!
باعوك في صخب المزاد.. ولم أجد
في صدرك المهجور غير عـــذابي
قد روضوا النهر المكابـر فانحنــــــي
للغاصبيـــــــن.. ولاذ بالأغــــراب
كم جئت يحملني حنين جــــــــــارف
فأراك.. والجلاد خلـف البــــــــاب
تـتـراقـصين علـي الموائـــــد فرحة
ودمي المراق يسيل في الأنخــــاب
وأراك في صخب المزاد وليمــــــة
يلهو بها الأفـاق.. والمتصـــــــابي
قد كنت أولي بالحنان.. ولم أجـــــد
في ليل صدرك غير ضـوء خــاب
من قصيدة هذا عتاب الحب للأحباب سنة2009
لا تغضبـي من ثـورتي.. وعتــابـــي
مازال حبــــك محنتي وعــــــــذابي
مازالت في العين الحزينــــة قبلـــــة
للعاشقين بسحـــرك الخـــــــــــلاب
أحببت فيك العمر طفــــلا باسمــــا
جاء الحيــاة بأطهـر الأثـــــــــواب
أحببت فيك الليل حيــــن يضمنـــــــا
دفء القلــوب.. ورفـقــة الأصحاب
أحببت فيـك الأم تـسكـــن طفلهــــــا
مهما نأي.. تلقــاه بالتـــــرحـــــاب
أحببت فيك الشمس تغسل شعــــرها
عنـد الغروب بدمعها المنـســــــاب
أحببت فيك النيل يجــري صاخبــــا
فـيهيم روض.. في عنـــــاق رواب
أحببت فيك شموخ نهــر جامـــــــح
كم كان يسكرنــي بــغيـر شــــراب
أحببت فيك النيل يسجــد خاشعــــــا
لله ربــــــــا دون أي حســــــــاب
أحببت فيك صلاة شعــب مؤمــــن
رسم الوجـود علي هدي محـــراب
أحببت فيك زمان مجـــد غابـــــــــر
ضيـعتـــه سفهـــــا علي الأذنــــاب
أحببت في الشرفـــاء عهدا باقيــــــا
وكرهـت كل مقـــــامر كـــــــذاب
إني أحبــــك رغــــــم أني عاشــــق
سئم الطواف.. وضـاق بالأعـتـاب
كم طاف قلبي في رحابــــك خاشعا
لم تعرفي الأنـقـي.. من النـصـــاب
أسرفت في حبــــي.. وأنت بخيلـــــة
ضيعت عمري.. واستـبحت شبابي
شاخت علي عينيك أحلام الصبـــــا
وتناثرت دمعـــا علي الأهــــــــداب
من كان أولـي بالوفاء ؟!.. عصابة
نهبتك بالتدليـــــس.. والإرهـــــاب ؟
أم قلب طفـل ذاب فيــــك صبابـــــة
ورميته لحمـــا علي الأبــــــــواب ؟!
عمر من الأحزان يمـرح بيننــــــــا..
شبح يطوف بوجهـــه المرتــــــــاب
لا النيل نيلـك.. لا الضفاف ضفافه
حتي نخيلـك تاه في الأعشـــــــاب!
باعوك في صخب المزاد.. ولم أجد
في صدرك المهجور غير عـــذابي
قد روضوا النهر المكابـر فانحنــــــي
للغاصبيـــــــن.. ولاذ بالأغــــراب
كم جئت يحملني حنين جــــــــــارف
فأراك.. والجلاد خلـف البــــــــاب
تـتـراقـصين علـي الموائـــــد فرحة
ودمي المراق يسيل في الأنخــــاب
وأراك في صخب المزاد وليمــــــة
يلهو بها الأفـاق.. والمتصـــــــابي
قد كنت أولي بالحنان.. ولم أجـــــد
في ليل صدرك غير ضـوء خــاب
رد: هوامش حرة ـ فاروق جويدة
هوامش حرة
قصر واحد للرئيس القادم
بقلم: فاروق جويدة
1964
كان خطأ تاريخيا جسيما أن تخضع جميع القصور الملكية لرئاسة الجمهورية, حيث تحولت مع الوقت والزمن والمسئولين فيها والمشرفين عليها إلي ملكية خاصة كجزء من ممتلكات رئيس الدولة..
وهنا اختلطت ملكية المال العام بالملكية الخاصة, فلم تعد هذه القصور بما فيها وما عليها ملكا للشعب ولكنها أصبحت ملكا لرأس الدولة وحاشيته وأبنائه..
أن هذا الخطأ الفادح لم يحدث في أي مكان في العالم.. في كل بلاد الدنيا يوجد مقرا لرئيس الدولة مثل قصر الاليزيه في فرنسا. والبيت الأبيض في أمريكا وقصر ملكة انجلترا' بيكنجهام'..
ولاشك أن هذا الخطأ ينبغي ألا يكون له مكان الآن بعد رحيل الرئيس السابق, ويجب أن تعود هذه القصور إلي الدولة مرة أخري وتتحول إلي متاحف ومزارات للشعب رغم أنه لم يبق فيها من أثار وتحف ومقتنيات إلا القليل..
منذ كتبت في الأسبوع الماضي عن كارثة نهب القصور الملكية والدنيا لم تهدأ,كان لقائي مع المستشار عبد العزيز الجندي وزير العدل.. والمستشار عبد المجيد محمود النائب العام,والمستشار أحمد إدريس رئيس لجنة الجرد التي قررها المجلس العسكري,ووزير العدل السابق المستشار ممدوح مرعي, كان هذا بداية طرح هذه القضية أمام الرأي العام وما تلي ذلك من تطورات وأحداث, حيث قرر وزير العدل إعادة تشكيل لجنة جرد جديدة للقصور الرئاسية وبدأت بالفعل عملها في42 قصرا وهي تضم ممثلين عن القضاء والنيابة العامة.. والأمن القومي والكسب غير المشروع والشرطة العسكرية والمباحث العامة.. وممثلين لوزارة الثقافة ووزارة الآثار ونرجو أن تكشف لنا هذه اللجنة كل الحقائق..
كان السؤال الذي دار في رأسي كثيرا لماذا لم يعلن عن تشكيل هذه اللجنة السابقة حين صدر القرار1701 في23 فبراير الماضي,خاصة أن تشكيل اللجنة في حد ذاته كان يعكس مدي أهميتها.. وبعد ذلك لماذا لم تعلن اللجنة نتائج عمليات الجرد التي قامت بها,خاصة أنها اكتشفت أن هناك مئات الحقائب الخالية والفتارين وصالات العرض والمتاحف الرئيسية في قصر عابدين.. إن الأخطر من ذلك كله ان قصر عابدين بالذات يضم أهم الوثائق السيادية التي تتعلق بالدولة المصرية وتضم الملفات الخاصة بالحدود والمياه الإقليمية والخرائط ومياه النيل والاتفاقيات الدولية,وكان الملك فؤاد قد انشأ مركز الوثائق التاريخية لقصر عابدين الذي يحتوي علي أهم وأخطر الوثائق التاريخية منذ الحكم العثماني وحتي الآن خاصة أن هناك مشاكل حدودية معلقة ربما تحركت يوما بين مصر وجيرانها,ويمكن أن تثور في أي وقت من الأوقات..
إن القضية الآن خاصة ما يتعلق بالمحتويات والمقتنيات أمام اللجنة لتعيد جرد القصور مرة أخري طبقا لقرار وزير العدل..
وهناك مصادر يمكن الرجوع إليها خاصة إذا كانت قوائم المعروضات والمقتنيات قد اختفت بالفعل لإخفاء جرائم السرقات..
< هناك قوائم جرد القصور الملكية بعد ثورة يوليو وقد تمت تحت إشراف المهندس محمود يونس أول رئيس مصري لهيئة قناة السويس,وقد أخبرني السيد سامي شرف مدير مكتب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أن كل قصر من هذه القصور كان يضم قوائم كاملة بكل ما فيه من مقتنيات سواء كانت معروضة أو موجودة في المخازن الملحقة بهذه القصور ويمكن الرجوع إليها..
< في رسالة للمؤرخ ضياء الدين القاضي عضو اتحاد المؤرخين العرب والجمعية المصرية التاريخية أكد أن لديه كتابا يمكن الرجوع إليه صدر باللغة الإنجليزية في مصر عن دار المعارف في15 إبريل عام1954 بعنوان
Ex.RoyalPalacesinEgypt' قصور مصر الملكية' أصدره الصاغ محمود الجوهري المسئول عن لجان جرد القصور الملكية بعد ثورة يوليو وهو مدعم بالمعلومات والصور النادرة عن تفاصيل ومحتويات القصور الملكية وعددها في هذا الكتاب17 قصرا بكل ما فيها من مقتنيات وهي قصر عابدين وما به من المكتبات والوثائق والمتحف الحربي الخاص بالمركبات والسيارات الملكية وقصر المنتزه وقصر رأس التين, وقصر القبة حيث الكنوز والثروة,وقصر الطاهرة, وقصر أدفينا,وقصر الإسماعيلية,وقصر شبرا,وقصر الجوهرة,وقصر المعمورة,والرست هاوس الملكية,والرست هاوس الأهرام,وركن الملك فاروق بحلوان ورست رأس الحكمة..
ويمكن للجنة التي تقوم الآن بجرد القصور الرئاسية أن تعود إلي هذه المصادر لتحديد حجم الاعتداءات التي تمت علي هذه القصور.. هذا بجانب أن هناك مجموعة من الأفلام التسجيلية والوثائقية حول القصور الملكية وما كان فيها من تحف وآثار ومقتنيات ثمينة يمكن الرجوع إليها..
< لقد شهدت القصور الملكية اعتداءات كثيرة وكانت معروضاتها ومجوهراتها دائما مطلوبة للأثرياء العرب,كما أن لوحات هذه القصور قد شهدت عمليات تزوير تاريخية حيث كان يتم تقليد اللوحة ووضعها في القصر وتهريب اللوحة الأصلية.. وهناك أشخاص مسئولون تخصصوا في هذه العملية والمطلوب الآن مراجعة جميع اللوحات الفنية العالمية المعروضة في هذه القصور من خلال لجان فنيه,وسوف نكتشف أن معظم اللوحات مقلدة وأن اللوحات الأصلية قد تم تهريبها لحساب مسئولين في الدولة..
< هناك أيضا بعض البيوت في مصر التي تخصصت في تهريب هذا التراث ابتداء بالوثائق وانتهاء بالمجوهرات والسجاد الثمين.. لقد تم الاستيلاء علي وثائق كثيرة, حيث بيعت لأطراف كثيرة عربية وأجنبية وفيها مخطوطات ووثائق تاريخية مهمة أما المجرهرات فكانت لها أسواقها الرائجة وقد تخصصت بعض البيوت في بيع السجاد الملكي..
والأغرب من ذلك كله قصص تروي عن وسائل تهريب هذه المقتنيات من خلال طرود للأثاث تصنع خصيصا وفيها فراغات تسمح بتهريب هذه المقتنيات دون أن يراها أحد..
< أن أخشي ما أخشاه الآن أن تكون هناك أياد شريرة قد امتدت إلي وثائق عابدين وتضم كل ملفات الدولة المصرية ابتداء بالحدود وانتهاء بقضايا المياه والاتفاقيات الدولية.. إن النسخة الوحيدة من هذه الوثائق توجد الآن في المكتبة المركزية بجامعة القاهرة وأرجو ألا تكون قد ذابت في المياه الجوفية التي تحاصر هذه المكتبة منذ سنوات,كما أن مكتبة عابدين تضم55 ألف كتاب لا احد يعلم عنها شيئا وفيها كتب تراثية نادرة..
إن ملف القصور المنهوبة أمام العدالة الآن وبين يدي المستشار عبد العزيز الجندي وزير العدل والمستشار عبد المجيد محمود النائب العام,وحتي تنتهي التحقيقات ونعرف حجم الكارثة يجب أن نفكر في مجموعة من الإجراءات اللازمة التي أضعها أمام المجلس العسكري بحكم مسئوليته..
أولا: أن تنتهي العلاقة بين رئيس الدولة القادم وحاشيته وتوابعه والقصور الرئاسية تماما,بحيث تتحول جميعها إلي متاحف للشعب في إطار حراسات جادة ومشددة وحماية كاملة وأن تتبع جميعها جهازا إداريا خاصا للإشراف علي هذه القصور.. إن البعض قد يري تبعيتها لوزارة الآثار أو الثقافة ولكنني أخاف عليها من أمراض عتيقة في الوزارتين وكلنا يعرفها لأن هذه القصور تحتاج إلي إدارة خاصة لا تحمل خطايا النظام السابق وأن يخصص عائدها المالي لتجديدها وتطويرها والمحافظة عليها..
< أن يخصص أحد القصور الملكية ليكون قصرا رئاسيا لرئيس الدولة, بحيث يقضي فيه مدة حكمة ويرحل عنه ليتسلمه رئيس جديد قادم,أما أن يتجول بين17 قصرا ويعبث فيها كما يريد فهذا أمر لا يحدث إلا في مصر.. بجانب تخصيص قصران أو ثلاثة لضيوف مصر في المناسبات المختلفة.
< أن تتم بجانب عمليات الجرد التي تقوم بها اللجنة القضائية مراجعة مقتنيات القصور,خاصة الأشياء القابلة للتقليد ومنها اللوحات العالمية والتابلوهات والمجوهرات التي تم تهريبها واستبدالها بأشياء مزيفة.. وفي مصر فنانون وخبراء علي درجة عالية من الكفاءة يمكن أن يكشفوا لنا الأشياء المزيفة والأشياء الحقيقية..
< أن يقام مقر دائم للوثائق السيادية التي تخص الدولة المصرية,وأن يتبع جهاز الأمن القومي المصري أو وزارة الخارجية حتي تتوافر له كل وسائل الحماية, وفي هذه الحالة يمكن جمع الوثائق المهمة المبعثرة في أكثر من مكان ما بين مكتبة جامعة القاهرة ودار الوثائق ومركز عابدين ومؤسسة الرئاسة بحيث تخضع هذه الوثائق للحماية الكاملة ويتم استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في تصويرها وأرشفتها وتجديدها واستكمال ما ضاع منها..
إننا نعلم أن هناك وثائق كثيرة ضاعت في أكثر من مكان ومن أسوأ شواهدها حرائق وزارة الري.. وقصر عابدين.. وقصر الجوهرة ودار الأوبرا وغيرها- وفي كل هذه الأماكن كانت توجد مقتنيات وآثار ووثائق تاريخية من الأوراق والصور والمخطوطات والمقتنيات التاريخية, ومازلنا نذكر كيف تمت سرقة ديسكات ووثائق قسم الجغرافيا بكلية الأداب بجامعة القاهرة منذ سنوات بكل ما فيه من الخرائط عن الثروات الطبيعية في مصر من البترول والمواد الخام والمياه الجوفية والصحاري والأراضي الزراعية,ولم نعرف حتي الآن من سرق هذه الوثائق..
نحن الآن في انتظار نتائج التحقيقات التي تقوم بها اللجنة في تشكيلها الجديد, وان كنت أناشد كل من عرف شيئا عن هذه المقتنيات التي سرقت من قصور مصر ابتداء بالسائق الذي حمل منها شيئا وانتهاء بالسعاة وصغار الموظفين ورجال الأمن الذين شاهدوا هذه الجريمة.. أرجو من هؤلاء جميعا أن يتقدموا بشهادتهم للجنة التحقيق,وأناشد المجتمع المدني الذي أغرق نفسه وأغرقنا معه في معارك العلمانيين والسلفيين والمتدينين والحزب الوطني والإخوان ان يلتفت إلي مثل هذه الجرائم التي استباحت تاريخ الوطن وذاكرة الأمة..
وقبل هذا فإنني أطالب وزير العدل بأن ترسل اللجنة القضائية صورا من مقتنيات القصور الملكية إلي قاعات المزادات العالمية في العواصم الكبري حتي لا يفلت اللصوص بما نهبوا..
كل ما يريده الشعب المصري الآن أن يعرف حقيقة ما بقي له من التاريخ بعد أن انتهكت عصابة الحكم السابق تراثه وتاريخه علي يد من لا يدركون قيمة تاريخ الأوطان وهو الثروة الحقيقية للشعوب..
.. ويبقي الشعر
قـدمــت عمـــرك للأحــلام قـربــانــا
هل خانك الحلم.. أم أنت الذي خانا؟!
كم عشت تجري وراء الحلم في دأب
وتـغــرس الحــب بـيـن النــاس إيمــانــا
كـم عـشت تهـفـو لأوطـان بـلا فــزع
وتـكـــره الـقيـــد مسـجونــا.. وسـجــانـــا
كم عشت تصرخ كالمجنون في وطـن
مـا عــاد يعـــرف غــير المــوت عـنــوانـــا
كم عشت تنبش في الأطلال عن زمـن
صـلـب العــزائــم يحيـي كــل مـا كـانـــا
كـم عـشـت تـرسـم للأطفـال أغنيــة
عـــن أمـــــة شــيـدت للـعــدل مـــيزانـــا
في ساحة المجد ضـوء مـن مآثرهـا
مــن زلـــزل الكـون أركـانــا.. فـأركـانـــا
صانت عهودا.. وثـارت عندما غضبت
وخـير مـن أنجبـت فـي الأرض إنسـانــا
سادت شعوبا.. وكانت كلما انتفضت
هـبــت عليـهــا ريـــاح الـغــدر عــدوانـــا
هانت علي أهلهـا من يوم أن ركعت
للغـاصبــين.. وويـــل المـــرء إن هــانـــا
يجري بنا الحلم فوق الريح.. يحملنا
ويـرســم الكــون فــي العيـنـيـن بسـتـانــا
حتـي إذا ما خبــا.. يـرتــاح فـي ســأم
وفـــوق أشـــلائــــه تـبكـــي خـطـايــانـــا
لا تســأل النهــر.. مــن بالعـجــز كبلــه؟
وكيــف أضحي هـوان العجـز تيجـانــا؟
لا تسأل النــاي.. من بالصمت أسكتـه
وكيف صارت' غناوي' النـاي أحزانـا؟
نـاي حزيـن أنـا.. قـد جئت فـي زمـن
أضحـي الغنــاء بـــه كفـــرا.. وعـصيــانــا
صــوت غـريـب أنــا.. والأفــق مـقــبرة
فـي كـل شــبر تـــري قتـلي.. وأكفــانـــا
هـذا هـو الفـجـر.. كالـقديـس مـرتحـلا
منكـس الـرأس بـيـن النــاس خـزيــانـــا
غنـيت عمـري.. وكــم أطربتكم زمـنــا
وكــم مـــلأت ضـفــاف النيـــل ألـحــانـــا
غنـيـت للحــب.. حتــي صـــار أغـنيــة
فــوق الشـفـاه.. وطــار النيـــل نشــوانـــا
كيـف البـلابـل غـابـت عــن شـواطئــه
وكيــف يحضــن مــاء النيــل غـربــانـــا؟
عار علي النيل.. هل ينساب في وهن
وتصبـح الأســد فـي شـطيـه جــرذانـــا؟
عـار عـلي النيـل يلقـي الكـأس منتشيـا
وكــل طفــل بـــه.. قـــد نـــام ظمــآنـــا!
من قصيدة كأن العمر ما كانا سنة2005
قصر واحد للرئيس القادم
بقلم: فاروق جويدة
1964
كان خطأ تاريخيا جسيما أن تخضع جميع القصور الملكية لرئاسة الجمهورية, حيث تحولت مع الوقت والزمن والمسئولين فيها والمشرفين عليها إلي ملكية خاصة كجزء من ممتلكات رئيس الدولة..
وهنا اختلطت ملكية المال العام بالملكية الخاصة, فلم تعد هذه القصور بما فيها وما عليها ملكا للشعب ولكنها أصبحت ملكا لرأس الدولة وحاشيته وأبنائه..
أن هذا الخطأ الفادح لم يحدث في أي مكان في العالم.. في كل بلاد الدنيا يوجد مقرا لرئيس الدولة مثل قصر الاليزيه في فرنسا. والبيت الأبيض في أمريكا وقصر ملكة انجلترا' بيكنجهام'..
ولاشك أن هذا الخطأ ينبغي ألا يكون له مكان الآن بعد رحيل الرئيس السابق, ويجب أن تعود هذه القصور إلي الدولة مرة أخري وتتحول إلي متاحف ومزارات للشعب رغم أنه لم يبق فيها من أثار وتحف ومقتنيات إلا القليل..
منذ كتبت في الأسبوع الماضي عن كارثة نهب القصور الملكية والدنيا لم تهدأ,كان لقائي مع المستشار عبد العزيز الجندي وزير العدل.. والمستشار عبد المجيد محمود النائب العام,والمستشار أحمد إدريس رئيس لجنة الجرد التي قررها المجلس العسكري,ووزير العدل السابق المستشار ممدوح مرعي, كان هذا بداية طرح هذه القضية أمام الرأي العام وما تلي ذلك من تطورات وأحداث, حيث قرر وزير العدل إعادة تشكيل لجنة جرد جديدة للقصور الرئاسية وبدأت بالفعل عملها في42 قصرا وهي تضم ممثلين عن القضاء والنيابة العامة.. والأمن القومي والكسب غير المشروع والشرطة العسكرية والمباحث العامة.. وممثلين لوزارة الثقافة ووزارة الآثار ونرجو أن تكشف لنا هذه اللجنة كل الحقائق..
كان السؤال الذي دار في رأسي كثيرا لماذا لم يعلن عن تشكيل هذه اللجنة السابقة حين صدر القرار1701 في23 فبراير الماضي,خاصة أن تشكيل اللجنة في حد ذاته كان يعكس مدي أهميتها.. وبعد ذلك لماذا لم تعلن اللجنة نتائج عمليات الجرد التي قامت بها,خاصة أنها اكتشفت أن هناك مئات الحقائب الخالية والفتارين وصالات العرض والمتاحف الرئيسية في قصر عابدين.. إن الأخطر من ذلك كله ان قصر عابدين بالذات يضم أهم الوثائق السيادية التي تتعلق بالدولة المصرية وتضم الملفات الخاصة بالحدود والمياه الإقليمية والخرائط ومياه النيل والاتفاقيات الدولية,وكان الملك فؤاد قد انشأ مركز الوثائق التاريخية لقصر عابدين الذي يحتوي علي أهم وأخطر الوثائق التاريخية منذ الحكم العثماني وحتي الآن خاصة أن هناك مشاكل حدودية معلقة ربما تحركت يوما بين مصر وجيرانها,ويمكن أن تثور في أي وقت من الأوقات..
إن القضية الآن خاصة ما يتعلق بالمحتويات والمقتنيات أمام اللجنة لتعيد جرد القصور مرة أخري طبقا لقرار وزير العدل..
وهناك مصادر يمكن الرجوع إليها خاصة إذا كانت قوائم المعروضات والمقتنيات قد اختفت بالفعل لإخفاء جرائم السرقات..
< هناك قوائم جرد القصور الملكية بعد ثورة يوليو وقد تمت تحت إشراف المهندس محمود يونس أول رئيس مصري لهيئة قناة السويس,وقد أخبرني السيد سامي شرف مدير مكتب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر أن كل قصر من هذه القصور كان يضم قوائم كاملة بكل ما فيه من مقتنيات سواء كانت معروضة أو موجودة في المخازن الملحقة بهذه القصور ويمكن الرجوع إليها..
< في رسالة للمؤرخ ضياء الدين القاضي عضو اتحاد المؤرخين العرب والجمعية المصرية التاريخية أكد أن لديه كتابا يمكن الرجوع إليه صدر باللغة الإنجليزية في مصر عن دار المعارف في15 إبريل عام1954 بعنوان
Ex.RoyalPalacesinEgypt' قصور مصر الملكية' أصدره الصاغ محمود الجوهري المسئول عن لجان جرد القصور الملكية بعد ثورة يوليو وهو مدعم بالمعلومات والصور النادرة عن تفاصيل ومحتويات القصور الملكية وعددها في هذا الكتاب17 قصرا بكل ما فيها من مقتنيات وهي قصر عابدين وما به من المكتبات والوثائق والمتحف الحربي الخاص بالمركبات والسيارات الملكية وقصر المنتزه وقصر رأس التين, وقصر القبة حيث الكنوز والثروة,وقصر الطاهرة, وقصر أدفينا,وقصر الإسماعيلية,وقصر شبرا,وقصر الجوهرة,وقصر المعمورة,والرست هاوس الملكية,والرست هاوس الأهرام,وركن الملك فاروق بحلوان ورست رأس الحكمة..
ويمكن للجنة التي تقوم الآن بجرد القصور الرئاسية أن تعود إلي هذه المصادر لتحديد حجم الاعتداءات التي تمت علي هذه القصور.. هذا بجانب أن هناك مجموعة من الأفلام التسجيلية والوثائقية حول القصور الملكية وما كان فيها من تحف وآثار ومقتنيات ثمينة يمكن الرجوع إليها..
< لقد شهدت القصور الملكية اعتداءات كثيرة وكانت معروضاتها ومجوهراتها دائما مطلوبة للأثرياء العرب,كما أن لوحات هذه القصور قد شهدت عمليات تزوير تاريخية حيث كان يتم تقليد اللوحة ووضعها في القصر وتهريب اللوحة الأصلية.. وهناك أشخاص مسئولون تخصصوا في هذه العملية والمطلوب الآن مراجعة جميع اللوحات الفنية العالمية المعروضة في هذه القصور من خلال لجان فنيه,وسوف نكتشف أن معظم اللوحات مقلدة وأن اللوحات الأصلية قد تم تهريبها لحساب مسئولين في الدولة..
< هناك أيضا بعض البيوت في مصر التي تخصصت في تهريب هذا التراث ابتداء بالوثائق وانتهاء بالمجوهرات والسجاد الثمين.. لقد تم الاستيلاء علي وثائق كثيرة, حيث بيعت لأطراف كثيرة عربية وأجنبية وفيها مخطوطات ووثائق تاريخية مهمة أما المجرهرات فكانت لها أسواقها الرائجة وقد تخصصت بعض البيوت في بيع السجاد الملكي..
والأغرب من ذلك كله قصص تروي عن وسائل تهريب هذه المقتنيات من خلال طرود للأثاث تصنع خصيصا وفيها فراغات تسمح بتهريب هذه المقتنيات دون أن يراها أحد..
< أن أخشي ما أخشاه الآن أن تكون هناك أياد شريرة قد امتدت إلي وثائق عابدين وتضم كل ملفات الدولة المصرية ابتداء بالحدود وانتهاء بقضايا المياه والاتفاقيات الدولية.. إن النسخة الوحيدة من هذه الوثائق توجد الآن في المكتبة المركزية بجامعة القاهرة وأرجو ألا تكون قد ذابت في المياه الجوفية التي تحاصر هذه المكتبة منذ سنوات,كما أن مكتبة عابدين تضم55 ألف كتاب لا احد يعلم عنها شيئا وفيها كتب تراثية نادرة..
إن ملف القصور المنهوبة أمام العدالة الآن وبين يدي المستشار عبد العزيز الجندي وزير العدل والمستشار عبد المجيد محمود النائب العام,وحتي تنتهي التحقيقات ونعرف حجم الكارثة يجب أن نفكر في مجموعة من الإجراءات اللازمة التي أضعها أمام المجلس العسكري بحكم مسئوليته..
أولا: أن تنتهي العلاقة بين رئيس الدولة القادم وحاشيته وتوابعه والقصور الرئاسية تماما,بحيث تتحول جميعها إلي متاحف للشعب في إطار حراسات جادة ومشددة وحماية كاملة وأن تتبع جميعها جهازا إداريا خاصا للإشراف علي هذه القصور.. إن البعض قد يري تبعيتها لوزارة الآثار أو الثقافة ولكنني أخاف عليها من أمراض عتيقة في الوزارتين وكلنا يعرفها لأن هذه القصور تحتاج إلي إدارة خاصة لا تحمل خطايا النظام السابق وأن يخصص عائدها المالي لتجديدها وتطويرها والمحافظة عليها..
< أن يخصص أحد القصور الملكية ليكون قصرا رئاسيا لرئيس الدولة, بحيث يقضي فيه مدة حكمة ويرحل عنه ليتسلمه رئيس جديد قادم,أما أن يتجول بين17 قصرا ويعبث فيها كما يريد فهذا أمر لا يحدث إلا في مصر.. بجانب تخصيص قصران أو ثلاثة لضيوف مصر في المناسبات المختلفة.
< أن تتم بجانب عمليات الجرد التي تقوم بها اللجنة القضائية مراجعة مقتنيات القصور,خاصة الأشياء القابلة للتقليد ومنها اللوحات العالمية والتابلوهات والمجوهرات التي تم تهريبها واستبدالها بأشياء مزيفة.. وفي مصر فنانون وخبراء علي درجة عالية من الكفاءة يمكن أن يكشفوا لنا الأشياء المزيفة والأشياء الحقيقية..
< أن يقام مقر دائم للوثائق السيادية التي تخص الدولة المصرية,وأن يتبع جهاز الأمن القومي المصري أو وزارة الخارجية حتي تتوافر له كل وسائل الحماية, وفي هذه الحالة يمكن جمع الوثائق المهمة المبعثرة في أكثر من مكان ما بين مكتبة جامعة القاهرة ودار الوثائق ومركز عابدين ومؤسسة الرئاسة بحيث تخضع هذه الوثائق للحماية الكاملة ويتم استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة في تصويرها وأرشفتها وتجديدها واستكمال ما ضاع منها..
إننا نعلم أن هناك وثائق كثيرة ضاعت في أكثر من مكان ومن أسوأ شواهدها حرائق وزارة الري.. وقصر عابدين.. وقصر الجوهرة ودار الأوبرا وغيرها- وفي كل هذه الأماكن كانت توجد مقتنيات وآثار ووثائق تاريخية من الأوراق والصور والمخطوطات والمقتنيات التاريخية, ومازلنا نذكر كيف تمت سرقة ديسكات ووثائق قسم الجغرافيا بكلية الأداب بجامعة القاهرة منذ سنوات بكل ما فيه من الخرائط عن الثروات الطبيعية في مصر من البترول والمواد الخام والمياه الجوفية والصحاري والأراضي الزراعية,ولم نعرف حتي الآن من سرق هذه الوثائق..
نحن الآن في انتظار نتائج التحقيقات التي تقوم بها اللجنة في تشكيلها الجديد, وان كنت أناشد كل من عرف شيئا عن هذه المقتنيات التي سرقت من قصور مصر ابتداء بالسائق الذي حمل منها شيئا وانتهاء بالسعاة وصغار الموظفين ورجال الأمن الذين شاهدوا هذه الجريمة.. أرجو من هؤلاء جميعا أن يتقدموا بشهادتهم للجنة التحقيق,وأناشد المجتمع المدني الذي أغرق نفسه وأغرقنا معه في معارك العلمانيين والسلفيين والمتدينين والحزب الوطني والإخوان ان يلتفت إلي مثل هذه الجرائم التي استباحت تاريخ الوطن وذاكرة الأمة..
وقبل هذا فإنني أطالب وزير العدل بأن ترسل اللجنة القضائية صورا من مقتنيات القصور الملكية إلي قاعات المزادات العالمية في العواصم الكبري حتي لا يفلت اللصوص بما نهبوا..
كل ما يريده الشعب المصري الآن أن يعرف حقيقة ما بقي له من التاريخ بعد أن انتهكت عصابة الحكم السابق تراثه وتاريخه علي يد من لا يدركون قيمة تاريخ الأوطان وهو الثروة الحقيقية للشعوب..
.. ويبقي الشعر
قـدمــت عمـــرك للأحــلام قـربــانــا
هل خانك الحلم.. أم أنت الذي خانا؟!
كم عشت تجري وراء الحلم في دأب
وتـغــرس الحــب بـيـن النــاس إيمــانــا
كـم عـشت تهـفـو لأوطـان بـلا فــزع
وتـكـــره الـقيـــد مسـجونــا.. وسـجــانـــا
كم عشت تصرخ كالمجنون في وطـن
مـا عــاد يعـــرف غــير المــوت عـنــوانـــا
كم عشت تنبش في الأطلال عن زمـن
صـلـب العــزائــم يحيـي كــل مـا كـانـــا
كـم عـشـت تـرسـم للأطفـال أغنيــة
عـــن أمـــــة شــيـدت للـعــدل مـــيزانـــا
في ساحة المجد ضـوء مـن مآثرهـا
مــن زلـــزل الكـون أركـانــا.. فـأركـانـــا
صانت عهودا.. وثـارت عندما غضبت
وخـير مـن أنجبـت فـي الأرض إنسـانــا
سادت شعوبا.. وكانت كلما انتفضت
هـبــت عليـهــا ريـــاح الـغــدر عــدوانـــا
هانت علي أهلهـا من يوم أن ركعت
للغـاصبــين.. وويـــل المـــرء إن هــانـــا
يجري بنا الحلم فوق الريح.. يحملنا
ويـرســم الكــون فــي العيـنـيـن بسـتـانــا
حتـي إذا ما خبــا.. يـرتــاح فـي ســأم
وفـــوق أشـــلائــــه تـبكـــي خـطـايــانـــا
لا تســأل النهــر.. مــن بالعـجــز كبلــه؟
وكيــف أضحي هـوان العجـز تيجـانــا؟
لا تسأل النــاي.. من بالصمت أسكتـه
وكيف صارت' غناوي' النـاي أحزانـا؟
نـاي حزيـن أنـا.. قـد جئت فـي زمـن
أضحـي الغنــاء بـــه كفـــرا.. وعـصيــانــا
صــوت غـريـب أنــا.. والأفــق مـقــبرة
فـي كـل شــبر تـــري قتـلي.. وأكفــانـــا
هـذا هـو الفـجـر.. كالـقديـس مـرتحـلا
منكـس الـرأس بـيـن النــاس خـزيــانـــا
غنـيت عمـري.. وكــم أطربتكم زمـنــا
وكــم مـــلأت ضـفــاف النيـــل ألـحــانـــا
غنـيـت للحــب.. حتــي صـــار أغـنيــة
فــوق الشـفـاه.. وطــار النيـــل نشــوانـــا
كيـف البـلابـل غـابـت عــن شـواطئــه
وكيــف يحضــن مــاء النيــل غـربــانـــا؟
عار علي النيل.. هل ينساب في وهن
وتصبـح الأســد فـي شـطيـه جــرذانـــا؟
عـار عـلي النيـل يلقـي الكـأس منتشيـا
وكــل طفــل بـــه.. قـــد نـــام ظمــآنـــا!
من قصيدة كأن العمر ما كانا سنة2005
رد: هوامش حرة ـ فاروق جويدة
المصريون.. وثمن الكرامة
بقلم: فاروق جويدة
2183
شئنا أم أبينا دخلت ثورة25 يناير التاريخ من أوسع أبوابه.. وهذه الثورة لن تأخذ مكانها في تاريخ مصر أو العرب فقط ولكنها ستأخذ مساحة كبيرة في تاريخ الثورات العالمية لأسباب كثيرة
فهي ثورة غير مسبوقة من حيث وسائلها وهي أحدث ما وصلت إليه الحضارة المعاصرة من أساليب التواصل الإنساني.. وهي ثورة بدأها الشباب واستطاع أن يجعل منها ثورة شعب.. وهي الثورة الوحيدة التي خرج فيها13 مليون مواطن في لحظة زمنية واحدة يحتفلون بسقوط النظام وتحرير الإرادة.. وهي الثورة التي اجتمعت فيها إرادة الشعب مع إرادة الجيش لتحمي مصر الوطن والدولة من كارثة الانقسام والدم..
هنا لابد أن نعترف أننا الآن أمام حاضر صعب ولكننا أمام حساب التاريخ وسوف يسألنا وهو يسجل ما دار لحظة بلحظة عن أشياء كثيرة أرجو أن تكون لنا وليست علينا:
< سوف يسألنا التاريخ عن دماء الشهداء الذين دفعوا الثمن ولم يشاركوا في جني الثمار والغنائم كما فعلت رؤوس كثيرة.. أن الثورات في تاريخ البشرية كلها حفظت أسماء ثوارها الأوائل الذين قدموا حياتهم فداء لأجيال ستجيء.. أين ملفات الشهداء الذين ستقدمهم مصر للأجيال القادمة وهم يتناثرون علي جدران أيام قاسية ما بين إهمال أسرهم وتلاشي صورهم وحالة الجحود التي عاملناهم بها رغم أنهم سجلوا لنا أشرف وأنبل لحظة في تاريخنا الحديث..
< كيف نهمل الشهداء والمصابين وهم بالآلاف ومازلنا نخفي وجوه القتلة واللصوص الذين أفسدوا حياتنا وسرقوا خيراتنا واستباحوا الوطن والأرض والبشر. لم تنشر صورة لواحد منهم.. لم نشاهد قاتلا منهم خلف جدران السجون والمحاكم.. لماذا كل هذا الحرص بل هذا الخوف من هؤلاء وكأنهم مازالوا في السلطة ومازالوا يحكمون لماذا كل هذا الحرص علي أن تبقي أشباح الماضي شاخصة حولنا..
هل صورة40 شخص من رموز النظام السابق أهم من مشاعر85 مليون مصري.. هل هؤلاء أهم من الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء لهذا الوطن لماذا لا تذهب كاميرات التلفزيون إلي هؤلاء المتهمين ومنهم الآن من صدرت ضدهم أحكام.. أن الشارع المصري يسأل ما هي أسباب كل هذا التعتيم علي رموز النظام السابق في السجون والمحاكم أو كما يتصور البعض أنهم في منتجعات سجن المزرعة..
< هناك حالة من الخوف علي الثورة وأنا أشارك الكثيرين في ذلك ولكن علي الجانب الآخر لابد أن ندرك أن ما أنجزته الثورة في خمسة شهور كان يحتاج إلي خمسة قرون.. ولنا أن نتساءل.. أين النظام السابق بجبروته وحراساته ومواكبه اليومية التي نهبت ثروة هذا الشعب.. أين مواكب الوزراء ورجال الأعمال.. أين مجلس الشعب والشوري والرحلات المكوكية أين الحزب الوطني وأين معاركة الانتخابية المزورة.. أين كذابو الزفة من المثقفين وعملاء التوريث وحملة المباخر.. أين صورة مصر الضائعة عربيا والمنبطحة دوليا والراكعة في ساحة واشنطن وتل أبيب.. هناك مصر الجديدة بكرامة شعبها وكبرياء حاضرها وحلم شعبها في مستقبل أفضل وأكرم.. أننا نواجه مشاكل وأزمات كثيرة وهذا شيء طبيعي لأننا أمام ثورة ولكن لابد أن نعترف أن جزء كبيرا من حملة المباخر الآن من أنصار النظام السابق مازالوا يدبرون المؤمرات ضد الثورة ومن فسد في البداية لن يتردد في أن يمارس الفساد حتي النهاية.. هناك طابور طويل من الفاسدين الذين تنتظرهم العدالة ولابد من الحساب.. إن هؤلاء يتصورون أن اللعب علي الحبال يمكن أن يصل بهم إلي نفس مواقعهم القديمة وهؤلاء لابد من كشف سوءاتهم ومطاردتهم في جحورهم لأنهم يمثلون الخطر الحقيقي علي الثورة..
< كان التحام الجيش بالشعب في ثورة25 يناير من أكثر صفحات التاريخ المصري الحديث إيمانا بوحدة هذا الوطن ولابد أن نغلق كل الأبواب أمام من يشكك في هذه اللحظة إننا نقدر حساسيات كثيرة تفرض نفسها ولكن لا ينبغي أبدا أن يتصور أحد مهما شطح خياله أن يكون هناك صدام بين جيش مصر وشعبها.. إننا ننتظر من الجيش أن يكون أكثر حسما في مواجهة هذه الظروف الصعبة بحيث نجد أنفسنا أمام مواجهة أمينة وصادقة مع رموز النظام السابق من حيث سرعة العدالة.. والحرص علي مصالح هذا الشعب وأن نعيد له حقوقه المنهوبة في بلاد الدنيا.. إننا علي ثقة أن جيش مصر لن يفرط في حق شعبها وعلي الشعب أن يحافظ علي ثورته ولا يعطي الفرصة لفلول العهد السابق أن تهدد وحدته..
< في ظل واقع غاية في الصعوبة ونحن أمام ثورة تلملم أحلامها وشبابها ودماء شهدائها لا ينبغي أن تشهد الساحة كل هذه الصراعات الفكرية حول الانتخابات والدستور نريد أن نتجاوز هذه اللحظة وبعد ذلك سيكون أمامنا الكثير من الزمن لنغير ونعدل ونجرب ولكن لا يعقل أن نستهلك عمر الشعب المصري في كل هذه المعارك والصراعات الفكرية إنها رفاهية لاتتحملها هموم ومسئوليات هذه المرحلة الصعبة.. نحن أمام مجتمع تفتحت أبوابه مرة واحدة بعد زمن طويل من القهر والاستبداد والظلام ولا يمكن لنا أو لغيرنا أن يحقق الديمقراطية بصورتها المثلي في خمسة شهور.. هناك تيارات فكرية متعارضة وهناك صراعات قديمة وتصفية حسابات تجددت وهناك تيارات دينية وأخري سلفية وهناك العلمانيون والملحدون والمؤمنون وقبل هؤلاء جميعا تقف مصر تدعو هؤلاء جميعا أن يرفعوا صوت الحكمة وأن يكونوا أمناء علي هذا الشعب بلا اتهامات أو صراعات أو معارك.. إن مصر الآن في حاجة للجميع إنها في حاجة لحماية جيشها.. وإنصاف شعبها وهي تطلب من جميع التيارات أن يؤجلوا قليلا معاركهم حتي تتجاوز محنتها وتبرأ من جراحها وهي كثيرة.. لابد أن يرتفع صوت الحكمة وأن نتحاور بلا إسفاف ونختلف بلا خسائر لأن الوقت الآن ثمين جدا وكل لحظة فيه تحتاج منا إلي الصبر والإيمان والانتماء وحب هذا الوطن ليكن هذا الوقت وقتا للتواصل والاتفاق والوحدة وبعد ذلك أمامنا زمن طويل يمكن أن نختلف فيه.. أن المعارك وصراعات النخبة وأهل السياسة تمثل تهديدا حقيقيا لمستقبل الثورة ولا ينبغي أن تغامر هذه النخبة باستقرار85 مليون يحلمون بحياة كريمة..
< وسط هذا الضجيج مازالت عيني علي شباب الثورة أحاول أن أرصدهم في أي مكان وفي اي موقف وأري أننا ينبغي أن نحرص عليهم حتي لا نضيع منهم أو يتوهوا منا في زحمة الصراعات والمعارك بين تلك القوي التي غابت كثيرا وجاءت الآن لتجني الثمار.. أن هذه الثورة أحق بشابها لأنهم مستقبل هذا الوطن لقد كانوا اول شرارة وكانوا أول صرخة ولا ينبغي أن يختفي صوتهم أمام المزايدين وسارقي الثورات..
لا ينبغي أن نترك شباب الثورة فريسة لرجال الأمن أو ضحايا البلطجية أو يحاربون فلول النظام السابق او في مواجهة مع الباعة الجائلين في ميدان التحرير.. هذا ليس مصير الثوار ولا نهاية آخر ما بقي من الشهداء وهذا دور القوي السياسية التي نسيت دورها الحقيقي في حماية واستمرار الثورة وليس فقط الهرولة نحو الغنائم وجني الثمار هناك قوي الثورة المضادة وراءها تاريخ طويل من الفساد والمال والتآمر وهذه القوي لم تستسلم ولن تهادن وهي تستخدم كل الأساليب ابتداء بالبلطجية وانتهاء بطابورها الخامس الذي مازال يحتل مواقع كثيرة في إدارة شئون الدولة..
< لا أحد يشكك في قضاء مصر العادل ولا أحد يزايد علي مواقف المجلس العسكري ولكن هناك مواقف غريبة لا تتناسب مع سياق الثورات.. أحكام قضائية متلاحقة دون مراعاة للحساسية البالغة في الشارع المصري.. تهاون في أشياء لا ينبغي التهاون فيها.. أداء بطيء للحكومة في لحظة تاريخية مشحونة وشعب يبحث عن الخلاص يجب أن تراعي كل هذه الأشياء حتي نعبر بهذا الوطن إلي بر الأمان وبعد ذلك يمكن أن يكون هناك وقت طويل للحساب..
.. ويبقي الشعر
إني أحبك
كلما تاهت خـيوط الضوء عن عيني أري فيك الدليل
إني أحبـك..
لا تكوني ليلة عذراء
نامت في ضـلـوعي..
ثم شردها الرحيل..
أني أحبـك...
لا تكـوني مثل كل النـاس
عهدا زائفـا أو نجمة ضلت وتبحث عن سبيل
داويت أحزان القلوب
غرست في وجه الصحاري
ألف بستان ظليل
والآن جئتك خائفـا
نفس الوجوه
تعود مثل السوس
تنخر في عظام النيل..
نفـس الوجوه..
تـطل من خلف النـوافذ
تنعق الغربان.. يرتفع العويل..
نفس الوجوه
علي الموائد تأكل الجسد النـحيل..
نـفس الوجوه
تـطل فوق الشاشة السوداء
تنشر سمها..
ودماؤنـا في نشوة الأفـراح
من فمها تسيل..
نفس الوجوه..
الآن تقتحم العيون..
كأنها الكابوس في حلم ثقيل
نفس الوجوه..
تعود كالجرذان تـجري خلفنـا..
وأمامنا الجلاد.. والليل الطويل..
لا تسأليني الآن عن حلم جميل
أنا لا ألوم الصبح
إن ولــي وودع أرضنـا
فالصبح لا يرضي هوان العيش
في وطن ذليل
أنا لا ألوم النار إن هدأت
وصارت نخوة عرجاء
في جسد عليل..
أنا لا ألـوم النهر
إن جفت شواطئـه
وأجدب زرعه..
وتكسرت كالضوء في عينيه
أعناق النخيل..
مادامت الأشباح تسكر
من دماء النيل..
لا تسأليني الآن..
عن زمن جميل
بقلم: فاروق جويدة
2183
شئنا أم أبينا دخلت ثورة25 يناير التاريخ من أوسع أبوابه.. وهذه الثورة لن تأخذ مكانها في تاريخ مصر أو العرب فقط ولكنها ستأخذ مساحة كبيرة في تاريخ الثورات العالمية لأسباب كثيرة
فهي ثورة غير مسبوقة من حيث وسائلها وهي أحدث ما وصلت إليه الحضارة المعاصرة من أساليب التواصل الإنساني.. وهي ثورة بدأها الشباب واستطاع أن يجعل منها ثورة شعب.. وهي الثورة الوحيدة التي خرج فيها13 مليون مواطن في لحظة زمنية واحدة يحتفلون بسقوط النظام وتحرير الإرادة.. وهي الثورة التي اجتمعت فيها إرادة الشعب مع إرادة الجيش لتحمي مصر الوطن والدولة من كارثة الانقسام والدم..
هنا لابد أن نعترف أننا الآن أمام حاضر صعب ولكننا أمام حساب التاريخ وسوف يسألنا وهو يسجل ما دار لحظة بلحظة عن أشياء كثيرة أرجو أن تكون لنا وليست علينا:
< سوف يسألنا التاريخ عن دماء الشهداء الذين دفعوا الثمن ولم يشاركوا في جني الثمار والغنائم كما فعلت رؤوس كثيرة.. أن الثورات في تاريخ البشرية كلها حفظت أسماء ثوارها الأوائل الذين قدموا حياتهم فداء لأجيال ستجيء.. أين ملفات الشهداء الذين ستقدمهم مصر للأجيال القادمة وهم يتناثرون علي جدران أيام قاسية ما بين إهمال أسرهم وتلاشي صورهم وحالة الجحود التي عاملناهم بها رغم أنهم سجلوا لنا أشرف وأنبل لحظة في تاريخنا الحديث..
< كيف نهمل الشهداء والمصابين وهم بالآلاف ومازلنا نخفي وجوه القتلة واللصوص الذين أفسدوا حياتنا وسرقوا خيراتنا واستباحوا الوطن والأرض والبشر. لم تنشر صورة لواحد منهم.. لم نشاهد قاتلا منهم خلف جدران السجون والمحاكم.. لماذا كل هذا الحرص بل هذا الخوف من هؤلاء وكأنهم مازالوا في السلطة ومازالوا يحكمون لماذا كل هذا الحرص علي أن تبقي أشباح الماضي شاخصة حولنا..
هل صورة40 شخص من رموز النظام السابق أهم من مشاعر85 مليون مصري.. هل هؤلاء أهم من الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء لهذا الوطن لماذا لا تذهب كاميرات التلفزيون إلي هؤلاء المتهمين ومنهم الآن من صدرت ضدهم أحكام.. أن الشارع المصري يسأل ما هي أسباب كل هذا التعتيم علي رموز النظام السابق في السجون والمحاكم أو كما يتصور البعض أنهم في منتجعات سجن المزرعة..
< هناك حالة من الخوف علي الثورة وأنا أشارك الكثيرين في ذلك ولكن علي الجانب الآخر لابد أن ندرك أن ما أنجزته الثورة في خمسة شهور كان يحتاج إلي خمسة قرون.. ولنا أن نتساءل.. أين النظام السابق بجبروته وحراساته ومواكبه اليومية التي نهبت ثروة هذا الشعب.. أين مواكب الوزراء ورجال الأعمال.. أين مجلس الشعب والشوري والرحلات المكوكية أين الحزب الوطني وأين معاركة الانتخابية المزورة.. أين كذابو الزفة من المثقفين وعملاء التوريث وحملة المباخر.. أين صورة مصر الضائعة عربيا والمنبطحة دوليا والراكعة في ساحة واشنطن وتل أبيب.. هناك مصر الجديدة بكرامة شعبها وكبرياء حاضرها وحلم شعبها في مستقبل أفضل وأكرم.. أننا نواجه مشاكل وأزمات كثيرة وهذا شيء طبيعي لأننا أمام ثورة ولكن لابد أن نعترف أن جزء كبيرا من حملة المباخر الآن من أنصار النظام السابق مازالوا يدبرون المؤمرات ضد الثورة ومن فسد في البداية لن يتردد في أن يمارس الفساد حتي النهاية.. هناك طابور طويل من الفاسدين الذين تنتظرهم العدالة ولابد من الحساب.. إن هؤلاء يتصورون أن اللعب علي الحبال يمكن أن يصل بهم إلي نفس مواقعهم القديمة وهؤلاء لابد من كشف سوءاتهم ومطاردتهم في جحورهم لأنهم يمثلون الخطر الحقيقي علي الثورة..
< كان التحام الجيش بالشعب في ثورة25 يناير من أكثر صفحات التاريخ المصري الحديث إيمانا بوحدة هذا الوطن ولابد أن نغلق كل الأبواب أمام من يشكك في هذه اللحظة إننا نقدر حساسيات كثيرة تفرض نفسها ولكن لا ينبغي أبدا أن يتصور أحد مهما شطح خياله أن يكون هناك صدام بين جيش مصر وشعبها.. إننا ننتظر من الجيش أن يكون أكثر حسما في مواجهة هذه الظروف الصعبة بحيث نجد أنفسنا أمام مواجهة أمينة وصادقة مع رموز النظام السابق من حيث سرعة العدالة.. والحرص علي مصالح هذا الشعب وأن نعيد له حقوقه المنهوبة في بلاد الدنيا.. إننا علي ثقة أن جيش مصر لن يفرط في حق شعبها وعلي الشعب أن يحافظ علي ثورته ولا يعطي الفرصة لفلول العهد السابق أن تهدد وحدته..
< في ظل واقع غاية في الصعوبة ونحن أمام ثورة تلملم أحلامها وشبابها ودماء شهدائها لا ينبغي أن تشهد الساحة كل هذه الصراعات الفكرية حول الانتخابات والدستور نريد أن نتجاوز هذه اللحظة وبعد ذلك سيكون أمامنا الكثير من الزمن لنغير ونعدل ونجرب ولكن لا يعقل أن نستهلك عمر الشعب المصري في كل هذه المعارك والصراعات الفكرية إنها رفاهية لاتتحملها هموم ومسئوليات هذه المرحلة الصعبة.. نحن أمام مجتمع تفتحت أبوابه مرة واحدة بعد زمن طويل من القهر والاستبداد والظلام ولا يمكن لنا أو لغيرنا أن يحقق الديمقراطية بصورتها المثلي في خمسة شهور.. هناك تيارات فكرية متعارضة وهناك صراعات قديمة وتصفية حسابات تجددت وهناك تيارات دينية وأخري سلفية وهناك العلمانيون والملحدون والمؤمنون وقبل هؤلاء جميعا تقف مصر تدعو هؤلاء جميعا أن يرفعوا صوت الحكمة وأن يكونوا أمناء علي هذا الشعب بلا اتهامات أو صراعات أو معارك.. إن مصر الآن في حاجة للجميع إنها في حاجة لحماية جيشها.. وإنصاف شعبها وهي تطلب من جميع التيارات أن يؤجلوا قليلا معاركهم حتي تتجاوز محنتها وتبرأ من جراحها وهي كثيرة.. لابد أن يرتفع صوت الحكمة وأن نتحاور بلا إسفاف ونختلف بلا خسائر لأن الوقت الآن ثمين جدا وكل لحظة فيه تحتاج منا إلي الصبر والإيمان والانتماء وحب هذا الوطن ليكن هذا الوقت وقتا للتواصل والاتفاق والوحدة وبعد ذلك أمامنا زمن طويل يمكن أن نختلف فيه.. أن المعارك وصراعات النخبة وأهل السياسة تمثل تهديدا حقيقيا لمستقبل الثورة ولا ينبغي أن تغامر هذه النخبة باستقرار85 مليون يحلمون بحياة كريمة..
< وسط هذا الضجيج مازالت عيني علي شباب الثورة أحاول أن أرصدهم في أي مكان وفي اي موقف وأري أننا ينبغي أن نحرص عليهم حتي لا نضيع منهم أو يتوهوا منا في زحمة الصراعات والمعارك بين تلك القوي التي غابت كثيرا وجاءت الآن لتجني الثمار.. أن هذه الثورة أحق بشابها لأنهم مستقبل هذا الوطن لقد كانوا اول شرارة وكانوا أول صرخة ولا ينبغي أن يختفي صوتهم أمام المزايدين وسارقي الثورات..
لا ينبغي أن نترك شباب الثورة فريسة لرجال الأمن أو ضحايا البلطجية أو يحاربون فلول النظام السابق او في مواجهة مع الباعة الجائلين في ميدان التحرير.. هذا ليس مصير الثوار ولا نهاية آخر ما بقي من الشهداء وهذا دور القوي السياسية التي نسيت دورها الحقيقي في حماية واستمرار الثورة وليس فقط الهرولة نحو الغنائم وجني الثمار هناك قوي الثورة المضادة وراءها تاريخ طويل من الفساد والمال والتآمر وهذه القوي لم تستسلم ولن تهادن وهي تستخدم كل الأساليب ابتداء بالبلطجية وانتهاء بطابورها الخامس الذي مازال يحتل مواقع كثيرة في إدارة شئون الدولة..
< لا أحد يشكك في قضاء مصر العادل ولا أحد يزايد علي مواقف المجلس العسكري ولكن هناك مواقف غريبة لا تتناسب مع سياق الثورات.. أحكام قضائية متلاحقة دون مراعاة للحساسية البالغة في الشارع المصري.. تهاون في أشياء لا ينبغي التهاون فيها.. أداء بطيء للحكومة في لحظة تاريخية مشحونة وشعب يبحث عن الخلاص يجب أن تراعي كل هذه الأشياء حتي نعبر بهذا الوطن إلي بر الأمان وبعد ذلك يمكن أن يكون هناك وقت طويل للحساب..
.. ويبقي الشعر
إني أحبك
كلما تاهت خـيوط الضوء عن عيني أري فيك الدليل
إني أحبـك..
لا تكوني ليلة عذراء
نامت في ضـلـوعي..
ثم شردها الرحيل..
أني أحبـك...
لا تكـوني مثل كل النـاس
عهدا زائفـا أو نجمة ضلت وتبحث عن سبيل
داويت أحزان القلوب
غرست في وجه الصحاري
ألف بستان ظليل
والآن جئتك خائفـا
نفس الوجوه
تعود مثل السوس
تنخر في عظام النيل..
نفـس الوجوه..
تـطل من خلف النـوافذ
تنعق الغربان.. يرتفع العويل..
نفس الوجوه
علي الموائد تأكل الجسد النـحيل..
نـفس الوجوه
تـطل فوق الشاشة السوداء
تنشر سمها..
ودماؤنـا في نشوة الأفـراح
من فمها تسيل..
نفس الوجوه..
الآن تقتحم العيون..
كأنها الكابوس في حلم ثقيل
نفس الوجوه..
تعود كالجرذان تـجري خلفنـا..
وأمامنا الجلاد.. والليل الطويل..
لا تسأليني الآن عن حلم جميل
أنا لا ألوم الصبح
إن ولــي وودع أرضنـا
فالصبح لا يرضي هوان العيش
في وطن ذليل
أنا لا ألوم النار إن هدأت
وصارت نخوة عرجاء
في جسد عليل..
أنا لا ألـوم النهر
إن جفت شواطئـه
وأجدب زرعه..
وتكسرت كالضوء في عينيه
أعناق النخيل..
مادامت الأشباح تسكر
من دماء النيل..
لا تسأليني الآن..
عن زمن جميل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى